المغربصفرو

الشباب بين البطالة والإدمان.. أزمة خانقة تقود صفرو نحو المجهول

تعيش مدينة صفرو واقعا اجتماعيا صعبا، عنوانه الأبرز بطالة خانقة في صفوف الشباب وغياب رؤية واضحة لتشغيلهم، الأمر الذي يدفع فئات واسعة منهم إلى الانزلاق نحو براثن الإدمان والانحراف. هذا الوضع لا يهدد فقط مستقبل الأفراد، بل يضع المجتمع المحلي برمته أمام مخاطر حقيقية قد تعصف باستقراره.

ففي غياب فرص عمل كافية وملائمة، يجد خريجو الجامعات والمعاهد، كما غيرهم من الشباب غير المتعلمين، أنفسهم أمام انسداد كامل في الأفق. الوظائف القليلة المتاحة لا تستجيب للحاجيات المتزايدة، بينما يظل الاستثمار المحلي محتشما وعاجزا عن استيعاب الطاقات الشابة. ومع مرور الوقت، يتحول الفراغ إلى يأس، واليأس إلى سلوكيات سلبية، من أبرزها اللجوء إلى المخدرات والكحول كمهرب من الواقع.

الإدمان بدوره أصبح ظاهرة مقلقة بصفرو، حيث لم يعد مقتصرا على الأفراد، بل امتد أثره إلى الأسر التي تعاني من التفكك والعنف، وإلى الشارع الذي صار مسرحا لتنامي السلوكيات المنحرفة والجريمة. المدارس أيضا لم تسلم من تداعيات هذه الأزمة، إذ يعاني العديد من التلاميذ من فقدان الدافعية وتراجع نسب النجاح، ما يوسع دائرة الهدر المدرسي ويغذي من جديد جيش العاطلين.

الجهود التي تبذلها الدولة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو برامج التكوين المهني، تبقى محدودة الأثر ما لم ترافقها رؤية محلية مندمجة تعطي الأولوية للشباب باعتبارهم ركيزة أساسية لأي مشروع تنموي. صفرو في حاجة إلى مخطط تنموي واضح المعالم، يجمع بين استقطاب الاستثمارات في مجالات الصناعة والخدمات والفلاحة المجالية، وتشجيع المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع التكوين المهني، إضافة إلى إحداث فضاءات رياضية وثقافية تفتح أمام الشباب مسارات جديدة للتأطير والإبداع.

إن الأزمة التي تعيشها المدينة ليست قدرا محتوما، لكنها تنذر بعواقب وخيمة إن لم يتم تداركها بسرعة. فالشباب الذين يُتركون اليوم ضحية للبطالة والإدمان، هم أنفسهم من سيشكلون غدا نواة المجتمع ومصيره. لذلك، يبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى ستظل صفرو أسيرة غياب السياسات الواضحة، ومتى ستتحول الأقوال إلى أفعال تضع مصلحة الشباب في صدارة الأولويات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى