المغرب

الحكومة وصلاحيات تسقيف الاسعار بين مقتضيات السوق وحماية المستهلك

أعادت تصريحات وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح الجدل حول قدرة الحكومة على التدخل المباشر في سوق الاسعار من خلال اليات استثنائية لتسقيفها متى استدعت الضرورة. الوزيرة اكدت ان الاطار القانوني المتعلق بحرية الاسعار والمنافسة يمنح للحكومة كافة الصلاحيات للتدخل عند بروز اختلالات او ظروف استثنائية تهدد التوازنات الاقتصادية وتمس القدرة الشرائية للمواطنين.

هذا القانون الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2000 عرف سلسلة من الاصلاحات المتتالية كان الهدف منها تقوية اجهزة المراقبة وتوسيع صلاحيات مجلس المنافسة وضمان تقارب معايير الممارسة الوطنية مع التجارب الدولية. وقد شملت هذه الاصلاحات تعزيز العقوبات على الممارسات المنافية لقواعد المنافسة وادخال تعديلات تواكب حاجيات السوق الداخلية.

التدخل الحكومي في مجال تسقيف الاسعار يبقى استثناء لا قاعدة اذ لا يتم اللجوء اليه الا في حالات محددة مثل الاضطرابات الحادة في السوق او ظهور صعوبات مرتبطة بالتموين. وقد تم تفعيل هذه المقتضيات في اكثر من مناسبة كان اخرها خلال جائحة كوفيد حيث جرى تحديد سقف اسعار الكمامات والمواد الطبية لحماية المستهلك من الاستغلال.

اليوم يتجدد النقاش حول جدوى هذه الالية وفعاليتها خاصة في ظل موجات الغلاء المتكررة. فالمطلوب ليس فقط امتلاك الصلاحيات بل تفعيلها بشفافية وضمان توازن دقيق بين حرية السوق ومصلحة المستهلك. وهو تحد يضع الحكومة امام مسؤولية مزدوجة تتمثل في الحفاظ على جاذبية الاستثمار من جهة وصون القدرة الشرائية للمواطنين من جهة اخرى.

بالتالي يمكن القول ان تسقيف الاسعار ليس مجرد قرار تقني بل خيار سياسي يرتبط برؤية الدولة لدور الاقتصاد في خدمة المجتمع. وهو ما يستوجب وضوحا اكبر في السياسات العمومية وتواصلا فعالا مع المواطنين لتبديد مخاوفهم وتعزيز ثقتهم في قدرة المؤسسات على حمايتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى