العالم

الحرب العالمية الثالثة… عرض مسرحي بأدوار متبدلة والجمهور دائماً هو الضحية

في مسرح السياسة الدولية، يبدو أن المسرحية الكبرى “إيران تضرب، إسرائيل ترد، أمريكا تدخل، قطر توسّط” تُعرض الآن دون انقطاع، والضحايا دائماً: الشعوب التي لم تُمنح تذكرة دخول ولا حتى خيار الهروب من القاعة.

تبدأ القصة، كما العادة، بضربة من إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية، وكأنهم يختبرون مكبر الصوت قبل بدء العرض. الجمهور يصفّق منقسمًا بين مؤيد ومندد، لكن لا أحد فهم النص بعد. بعد دقائق، ترد إيران بقصف صاروخي على قاعدة أمريكية… في قطر. نعم، في قطر! وكأن العالم أصبح ضيقاً لدرجة أن الرد لا بد أن يمر عبر الدوحة، حيث يجتمع الخصوم حول الشاي ويتبادلون الضربات كما يتبادلون التحايا.

قطر، كعادتها، تلبس قبعة المخرج وتصرخ “ستوب! كفى”، فتُسدل الستارة مؤقتًا، وتعود التصريحات إلى طبيعتها: “نُدين”، “نستنكر”، “ندعو إلى ضبط النفس”، بينما الشعوب تئن تحت الركام أو تئن من التضليل الإعلامي.

الجزائر دخلت فجأة إلى المشهد، تصرخ بحماسة “أنا مع إيران!”، ثم تنظر بدهشة إلى الورقة في يدها: “آه لا، أنا أدين الهجوم على قطر!”. وهكذا يستمر العرض بممثلين لا يحفظون النص، وجمهور فقد القدرة على التصفيق من كثرة الصفعات.

أما روسيا والصين، فقد حضروا المسرحية في المقاعد الخلفية، يتبادلون الفشار ويتفرجون بابتسامة باردة. باكستان بدورها تقدّم جائزة نوبل للسلام للممثل الذي صرخ أكثر، وليس لمن هدّأ الأوضاع. أما الشعوب، فلا أحد سألها إن كانت تريد حضور هذا العرض من الأساس.

في النهاية، يُختتم الفصل الأخير كالعادة بتدخل قطري عجيب يعلن “نجحنا في تهدئة الأمور”، ويعود الجميع إلى ديارهم… ريثما تُكتب مسرحية جديدة.

والخلاصة؟
في زمن السياسة العبثية، أصبحت الحروب عروضًا مسرحية، والمواطنون مجرد كومبارس يُصفق في النهاية لجنازته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى