الجزائر وخطاب الهجوم على فرنسا : بين التاريخ المغيب والحقائق المؤلمة
في ظل التوتر المتزايد بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه، تتزايد الانتقادات الموجهة إلى النظام الجزائري بسبب حملته المستمرة ضد فرنسا. هذه الحملة التي تبدو غير مجدية على المستوى الدبلوماسي، تزيد من عزلة الجزائر وتعمق الهوة بينها وبين فرنسا، خاصة مع تزايد وعي الرأي العام الفرنسي بحقيقة الخطاب العدائي الجزائري، الذي يتسم بالنكران للجميل تجاه الدولة التي ساهمت في تحديد ملامح الجزائر الحديثة، حتى حدودها الجغرافية.
تستند الجزائر اليوم في دفاعها عن الحدود التي ورثتها عن الاستعمار الفرنسي إلى اتفاقيات وقعت خلال حقبة الاستعمار، وهي اتفاقيات تضمنت اقتطاعات واسعة من أراضٍ مغربية لصالح الجزائر الفرنسية.
- اتفاقية لالة مغنية (1845): تم توقيعها بين فرنسا والمغرب بعد معركة إيسلي، وقد نصت على حدود غير دقيقة تركت المجال لفرنسا لضم مناطق مغربية مثل تندوف ووادي درعة تدريجياً إلى الجزائر الفرنسية.
- احتلال الجنوب المغربي: بين أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، استولت القوات الفرنسية على مناطق توات والقورارة وتيديكلت التي كانت تحت السيادة المغربية، وشهدت طلبات متكررة من زعماء القبائل للحماية المغربية.
- الحدود الموريتانية والساحل الصحراوي: تم توقيع اتفاقيات سرية بين فرنسا وبريطانيا عام 1890، أتاحت لفرنسا ضم أراضٍ مغربية لصالح الجزائر الفرنسية، بما في ذلك بشار ومناطق أخرى.
- ترسيم الحدود عند الاستقلال: خلال منح فرنسا الاستقلال للجزائر، تم تثبيت هذه الحدود لصالح الجزائر، مانحة إياها أراضي صحراوية شاسعة لم تكن تخضع لسيادتها.
يبرز اعتقال الكاتب الجزائري بوعلام صنصال كأحد الأمثلة الصارخة على محاولات النظام الجزائري طمس الحقائق التاريخية. صنصال، الذي جاهر بأن الغرب الجزائري كان جزءًا من المغرب قبل الاستعمار الفرنسي، تعرض للسجن بسبب آرائه، مما يعكس تخوف النظام من كشف الحقائق التاريخية التي تتعارض مع سرديته الرسمية.
النظام الجزائري يواصل نهجه العدائي ضد فرنسا والمغرب، مفضلاً تصدير أزماته الداخلية بدلاً من معالجتها. في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، يركز النظام على خلق عداوات وهمية وصرف الانتباه عن المشاكل الحقيقية التي تواجه الشعب الجزائري.
تاريخ الحدود الجزائرية يكشف عن حقائق مغيبة تتعارض مع السردية الرسمية التي يروجها النظام. وبينما يستمر النظام في محاولاته لتشويه التاريخ وصرف الأنظار عن أزماته، تبقى الحقائق التاريخية شاهدة على السيادة المغربية على مناطق اقتطعت لصالح الجزائر في حقبة الاستعمار.