العالم

الجزائر.. قمع سياسي ممنهج ضد الأصوات المنتقدة لسياسات النظام العسكري

تتواصل في الجزائر فصول التضييق على حرية التعبير، في وقت تتكشف فيه معطيات جديدة عن ملاحقات تطال كل من يجرؤ على انتقاد سياسات النظام العسكري الحاكم. آخر هذه القضايا ما كشفته منظمة شعاع لحقوق الإنسان، التي عبّرت عن قلق بالغ تجاه مصير السيناتور الجزائري عبد القادر جديع، عضو مجلس الأمة المنتخب سنة 2019 عن ولاية ورقلة، بعد أن أصبح مهدداً بالترحيل القسري من إسبانيا إلى الجزائر، بسبب مواقفه المنتقدة لسياسات النظام في ملف الطاقة والعدالة المجالية.

القضية، التي وصفتها المنظمة بـ“السياسية البحتة”، تعكس بوضوح طبيعة القمع الممنهج داخل الجزائر، حيث تتحول مؤسسات الدولة إلى أدوات لتصفية الحسابات مع المعارضين. فبعد أن انتقد السيناتور جديع خلال جلسة رسمية سنة 2019 طريقة تسيير قطاع الطاقة وطالب بإنصاف مناطق الجنوب، وجد نفسه بعد سنوات ملاحقاً قضائياً بتهم من قبيل “إهانة هيئة نظامية” و“نشر أخبار من شأنها الإخلال بالنظام العام”.

السلطات الجزائرية، التي لا تتسامح مع أي صوت معارض، ذهبت أبعد من ذلك حين رفعت الحصانة البرلمانية عن جديع في خرقٍ صارخٍ للدستور، قبل أن تصدر في حقه عقوبة سجنية نافذة لثلاث سنوات وغرامة مالية كبيرة، في واحدة من أكثر القضايا التي تكشف هشاشة استقلالية القضاء الجزائري وتبعيته الكاملة للنظام.

وتحذر المنظمة من أن النظام الجزائري يسعى اليوم إلى ملاحقة معارضيه خارج الحدود، بعدما تقدّم بطلب رسمي إلى السلطات الإسبانية لتسليم السيناتور جديع، في خطوة اعتبرتها “تصعيداً خطيراً” و”دليلاً على امتداد القمع إلى المجال الدولي”.

وتشير المنظمة إلى أن هذا السلوك ينتهك المعاهدات الدولية التي تمنع تسليم الأشخاص لأسباب سياسية، خاصة وأن حياة جديع ستكون في خطر إذا أُعيد إلى الجزائر، بالنظر إلى سجل النظام في التعامل مع المعارضين، من اعتقالات تعسفية وتعذيب ومضايقات للأسر.

وتأتي هذه القضية في سياق عام يتسم بتراجع خطير في الحريات داخل الجزائر، حيث تمت ملاحقة عشرات الصحافيين والنشطاء والنقابيين بتهم جاهزة، كلما حاولوا فضح الفساد أو انتقاد قرارات السلطة العسكرية.
إنها صورة واضحة لنظام يرفض النقد، ويفضّل إسكات الأصوات الحرة بدل الإصغاء إليها، ليواصل تكريس حكم قائم على القمع والخوف، بعيداً عن أي أفق ديمقراطي حقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى