المغرب

التويزي بين المجاز والتهرب من المسؤولية السياسية

بعد الجدل الواسع الذي أثارته تصريحاته أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، خرج أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، ليوضح ما قصده بعبارة “طحن الورق” التي قالها أثناء مناقشة موضوع الدقيق المدعم، نافيا أن يكون يقصد بها أي معنى حرفي أو مسيء، ومعتبرا أن البعض أساء الفهم، وأن الصحافة لم تميز بين الحقيقة والمجاز.

التويزي حاول أن يقدم نفسه كأستاذ في البلاغة العربية، متهما الصحفيين بعدم فهم اللغة وأساليبها المجازية، وكأنه في قاعة محاضرة يلقي درسا في البيان والبديع أمام الطلبة، لا في قبة البرلمان حيث يفترض أن تناقش قضايا الناس بوضوح ومسؤولية. لكن ما نسيه هو أن السياسة لا تبنى على الاستعارات ولا على الخيال، وأن الخطاب السياسي لا يحتمل التأويل البلاغي حين يتعلق الأمر بمعيش المواطنين.

عبارة “خلط الورق بالقمح” التي جاءت على لسانه لم تكن تحتاج إلى شرح لغوي أو دروس في البلاغة، بل إلى وضوح في الموقف والمسؤولية. فهل كان يقصد فعلا أن الدعم يذهب لغير مستحقيه؟ أم أن الحديث عن “الورق والقمح” مجرد زلة لسان غلفت بالمجاز؟

في كل الأحوال، محاولة التويزي تبرير كلامه بهذا الشكل لا تعدو كونها هروبا إلى الأمام، خصوصا وأن المواطنين سئموا من اللغة الخشبية والتبريرات الملتوية التي تحاول تجميل الأخطاء بالكلمات المنمقة. فاليوم، بدل أن يخرج السياسيون لتوضيح معطيات دقيقة وأرقام حقيقية حول ملفات حساسة مثل الدقيق المدعم، نجدهم يلجأون إلى البلاغة والاستعارة كوسيلة للهروب من المحاسبة.

وإن كان بعض السياسيين باتوا يظنون أن الكناية والمجاز يمكن أن تخفي المعنى، فإن الواقع لا يقرأ بالمجاز، بل يفهم بالوضوح والمصارحة. وربما غدا سنسمع مسؤولا آخر يقول إن كلامه فهم خطأ لأنه استعمل “الانزياح” و”التصريع” و”التدوير” في خطابه السياسي. لكن الحقيقة البسيطة التي يدركها المواطن العادي هي أن السياسة لا تحتاج إلى الشعر، بل إلى الصدق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى