
في ظل عالم مضطرب يتأرجح بين صدمات سياسية واقتصادية وتجارية متلاحقة، برزت الدعوة إلى تعزيز التعاون بين البنوك المركزية العربية باعتباره خيارا استراتيجيا لا غنى عنه. هذا ما شدد عليه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري خلال مشاركته في الدورة التاسعة والاربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية والمؤسسات النقدية العربية التي تحتضنها العاصمة التونسية.
الجواهري اوضح ان التحديات الراهنة لم تعد مرتبطة فقط بالتقلبات الاقتصادية بل امتدت الى المجال السياسي والتجاري، وهو ما يفرض على البنوك المركزية تجاوز العمل الفردي نحو تنسيق عربي اوسع. واعتبر ان التجارب التي راكمتها بعض الدول، ومنها المغرب الذي نجح في الخروج من اللائحة الرمادية المرتبطة بتدفقات الاموال، يمكن ان تشكل نموذجا لبلدان اخرى ما زالت تبحث عن حلول ناجعة.
وفي ما يخص طبيعة التعاون، اكد الجواهري ان المرحلة الحالية تقتضي الانتقال من مجرد اتفاقيات ثنائية مبنية على الودائع المتبادلة الى تعاون تقني اكثر عمقا. هذا التعاون يشمل تبادل الخبرات في السياسة النقدية، مواجهة التحديات الرقمية، ومواكبة المتغيرات المناخية التي اصبحت عنصرا مؤثرا في الاستقرار المالي.
كما توقف المسؤول المغربي عند الفوارق القائمة بين الدول العربية المنتجة للنفط وغير المنتجة، لكنه شدد على ان المؤشرات المالية للمغرب تقدم صورة ايجابية تعزز الثقة في سياسته النقدية. واعتبر ان الدور القيادي للمغرب في هذا المسار يعكس رؤية استراتيجية يقودها الملك محمد السادس في اتجاه شراكة عربية اكثر انسجاما.
اشغال الاجتماع الذي يرأسه السودان وتنظمه تونس بشراكة مع صندوق النقد العربي، ستتواصل ليومين، ومن المنتظر ان تشهد مناقشات موسعة حول قضايا الشمول المالي، مراقبة الانظمة البنكية، واليات محاربة تمويل الارهاب وتبييض الاموال.
بهذا تكون الدورة الجديدة لمجلس المحافظين مناسبة لاعادة التأكيد على ان التنسيق العربي في المجال النقدي لم يعد ترفا، بل ضرورة لمواجهة حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي.