الاشارات المستقاة من حادث الطفل ريان

تعددت الملاحظات والقراءات وتنوعت التأويلات والتعليقات وعجزت كلها عن اعادة ريان للحياة رغم المجهودات التي قامت بها السلطات وتتبع وسائل الاعلام وتضامن الأخيار من كل الاقطار وحضور المتطوعين والمتضامنين من مختلف ربوع الوطن وحزنت القلوب ودمعت العيون و استسلم ريان ومعه كل المخلوقات لقضاء الله وقدره وثبت للجميع ان في الموت موعظة وحياة لأولي الالباب و لمن لا يتعظ، فهل موت ريان ومشهد تشييعه دليلا على الاشارات والعبر التالية ؟
ريان الطفل البريء خلق ليقدم للبشرية في سن الخمس سنوات درسا بعنوان “الألم والأمل في زمن إهمال الانسان”. لقد بلغنا ان الخيار الأفضل هو التضامن الانساني الذي يتخذ من صعوبات الحياة وقساوة الطبيعة في الارياف بدليل الرسالة الحزينة التي تركها والمثال الحي الذي قدمه بوقوعه في البئر ومناشدته العودة ليلعب مع اخوانه واصدقائه ويرافق جده للمسجد لاداء الصلاة والتأكيد على انه ” سي ريان” رغم صغره وفقدانه للعلم لكنه فعلا “سي ريان” لأنه علم العالم كيف ينقذ الاطفال وخاطب بلغة الوحي انسانية الانسان والضمائر الحية التي اصابها الغرور وطمست الرحمة او أعاقت سبل عمل الخير .
حادث ريان قصة عالمية تعكس معاناة البادية الصامتة والظروف العصيبة، و أن السعادة لا تحتاج الى ناطحة السحاب ولا الى التوفر على حسابات في ابناك وبورصات وول استريت … وانما السعادة هي الايمان بأن الدنيا فخ المغرورين وهي قسمة ونصيب، فانفضح أمر المغرورين أمثال قارون ووهب الله لريان مكانا في الجنان ونصيبه من الدنيا باسمه لأهله من الهبات والتبرعات .
فهناك من قدم قراءة في العدد خمسة باحتساب السن والزمن والمكان و أحرف الكلمات التي أحاطت بظروف ومحيط حادث الطفل ريان …
ومهما قيل من اي كان يبقى القول نسبي ويبقى الحدث دال على واقع لا يقبل التبرير . فالحادث بلغة مبسطة يرتبط بالمسؤولية التقصيرية والحياة العشوائية وعدم تفعيل المساطر رغم كثرة النصوص القانونية وان قاعدة لا يعذر أحد بجهله للقانون لا تسري على واقع مطوق بالتهميش والجهل والأمية. بل ان قاعدة لا يعذر أحد بتجاهله لتنفيذ القانون وتنمية المجتمع هي القاعدة التي يجب ان يفتح فيها التحقيق ذلك ان كثير من الميزانيات لا تصل الى مكانها أو ينتقص منها خصوصا اذا عدنا الى ميزانيات الجماعات الترابية او المحلية حيث نجد كثير من الابواب بمبالغ لا يعرف مآلها وكل سنة توجد لصرفها مثل الميزانيات المخصصة للاعمال الاجتماعية. او القيام باصلاحات كالمقابر والمدارس والمستوصفات … ذلك ان السرقة لم تعد تتم بطرق بسيطة وظاهرة حتى يعلمها المواطنين بل تتم بتقنية الممارسين الخبراء .
ببساطة ريان طالب باصلاح البادية وانقاذ الاطفال الذين لا يقوى اباؤهم على توفير لهم مستلزمات التعلم وبناء الشخصيات … اذا كان من ضروري اعتبار حياة المواطنين في البادية جزء من الحياة الوطنية وتصون كرامتهم .
وللحديث عن الاشارات التي تجد طريقها في محنة الدواوير وسوء الاحوال وضعف مستوى المعيشة، يمكن القول مايلي:
ربما كان في الماضي القريب أغلب ساكنة منطقة شمال المغرب من المناطق المشهورة بحفظ القرآن الكريم فتخلى الكثير بين عشية وضحاها عن الارتباط بكلام وراح الناس يبحثون عن كيفية الارتباط بالترف ربما معتقدين ان كلام الله لا يضمن لهم الرزق الكافي، فاستبدلوا نظام حياتهم بنظام أساسه زراعة الكيف الشيء الذي اوجد الناس ملاحقين قانونيا وقضائيا واتخذوا من المغامرات مسؤولية ابقائهم دون التواصل مع الادارة وحرم البعض من مسايرة الدراسة، ومنهم من عارض شق الطرق وفك العزلة لبقائهم بعيدين عن الأنظار و حتى لا يصل اليهم مأموري التنفيذ .
وربما أيضا ان سقوط ريان في بئر ليس فيه ماء يفسر أن مشكلة ندرة المياه و تحتاج الى تدبير بطرق مختلفة وأن تكون قريبة من المنازل .
وربما ان الشهرة التي اتخذها حادث الطفل ريان هي دعوة للتقارب الانساني في زمن الازمات والكوارث وهي مقاربة فعالة لمواجهة ما يعانيه العالم من تهديدات علنية وسرية.
د.أحمد درداري