المغرب

اخنوش بين خطاب الوعود وواقع الانتظارات

عاد رئيس الحكومة عزيز اخنوش، خلال لقاء جهوي بمديونة، ليدعو المواطنات والمواطنين الى “مواصلة الثقة” في فريقه الحكومي، مؤكدا ان حكومته لا تمارس “سياسة ترقيعية” وانها تعمل على بناء “مغرب قوي وعادل”. لكن هذه الشعارات، رغم اناقتها، تصطدم بواقع اجتماعي واقتصادي يشهد على هشاشة متزايدة وصعوبات يومية لا تخطئها عين المغاربة.

اخنوش تحدث عن “مسار طويل يتطلب الصبر”، وكأن المغاربة لم يصبروا بما يكفي على وعود الحكومات المتعاقبة، او كأن سنوات الجفاف وحدها تتحمل المسؤولية عن تراجع القدرة الشرائية وغلاء الاسعار الذي اجتاح حياة الاسر دون ان تملك الحكومة ادوات الحماية الاجتماعية الكافية للتخفيف من اثره.

اما حديثه عن انخفاض البطالة، فيبقى مجرد رقم جميل فوق الورق ما دام آلاف الشباب يجرون وراء فرص عمل نادرة، وما دامت طوابير الانتظار امام مباريات التوظيف تتزايد، وما دام الخريجون يهاجرون او يعلقون آمالهم على مغادرة البلاد بدل بناء مستقبل داخله.

وبخصوص القطاعات الاجتماعية، فقد قدم رئيس الحكومة عرضا ورديا حول “الزيادات التاريخية” في ميزانيتي الصحة والتعليم. لكن السؤال الحقيقي: هل انعكس ذلك على جودة الخدمات؟ هل يشعر المواطن بتحسن فعلي في المستشفيات العمومية التي تعاني نقصا في الاطر والتجهيزات؟ وهل تطورت المدرسة العمومية بما يكفي لوقف نزيف الهجرة نحو التعليم الخصوصي؟

ثم ان الحديث عن مراكز استشفائية جديدة يبقى منقوصا ما لم يرافقه تأهيل شامل، وتوفير موارد بشرية، وضمان استقرار مهني للاطر، بدل استمرار الاحتجاجات وشكاوى المهنيين.

اخنوش اكد ايضا ان الحكومة “لا تمارس سياسة ترقيعية”، بينما يلمس المواطن يوميا ان عددا من القرارات مجرد حلول ظرفية، تفتقر لرؤية اجتماعية شاملة، وان اصلاحات اساسية مثل توجيه الدعم، ضبط الاسعار، ومحاربة المضاربات لم تصل بعد الى مستوى تطلعات الشارع.

الخطابات السياسية التي تطلب من الناس “الثقة” يجب ان تكون مصحوبة بنتائج ملموسة، لا بشعارات عامة. والمغرب الذي يريد ان يكون “صاعدا” يحتاج قبل كل شيء الى سياسات واضحة لمواجهة الغلاء، وضمان كرامة المواطنين عبر خدمات صحية وتعليمية في مستوى العدالة الاجتماعية التي يتحدث عنها رئيس الحكومة.

الثقة لا تُطلب في اللقاءات الحزبية، بل تُبنى على الارض… والارض اليوم ما تزال تنتظر الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى