
أثارت ممارسات مرتبطة بتنفيذ برنامج تأهيل المدينة العتيقة بتازة جدلاً واسعاً، بعد توجيه اتهامات للسلطات المحلية بدعم غير مبرر لحالات من البناء العشوائي والاستيلاء على الملك العمومي، في خرق صارخ للقوانين المؤطرة لمشاريع إعادة تأهيل التراث الوطني.
البرنامج الذي يهدف إلى ترميم المنازل الآيلة للسقوط والحفاظ على الطابع المعماري التاريخي للمدينة، تشرف عليه لجنة تضم ممثلين عن وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان، والسلطة المحلية، والمجلس الجماعي، بالإضافة إلى المحافظة الجهوية على التراث، غير أنه عرف – حسب مصادر متطابقة – اختلالات واضحة في انتقاء البنايات المستفيدة من الدعم، وغياب المراقبة والتتبع التقني لأشغال الترميم، خاصة من حيث احترام المعايير الخاصة بالمحافظة على المعمار التراثي.
وأبرز مثال على هذه التجاوزات، ما جرى تداوله بخصوص دعم بناء عشوائي بمحاذاة السور التاريخي لمدينة تازة، عند مدخل “باب طيطي”، وهو الموقع الذي كان في السابق مقراً لمخفر القيادة العسكرية خلال فترة الحماية، قبل أن يُفوت للقيادة الجهوية للقوات المساعدة، ويُهمل لسنوات. المكان، الذي يُعد ملكاً عمومياً، تحول إلى محل للسكن والتجارة بعد أن تم احتلاله وتشييد بناء قصديري بمحاذاته، دون أي احترام للمسافة القانونية أو الخصوصيات التاريخية للموقع.
وبحسب معطيات ميدانية، فإن البناية العشوائية التي أُقيمت في هذا المكان استفادت من دعم رسمي في إطار برنامج تأهيل المدينة العتيقة، رغم مخالفتها لشروط التعمير والسكن اللائق، ما اعتُبر فرضاً لأمر واقع وتشويهاً متعمداً لإحدى بوابات المدينة التاريخية.
في اتصال مع أحد المسؤولين المعنيين بالمحافظة على التراث، أكد الأخير أن الخروقات في هذا الملف “واضحة للعيان وتستوجب فتح تحقيق فوري”، محملاً المسؤولية المباشرة لرئيس الجماعة الترابية، ومسؤولية غير مباشرة لعامل إقليم تازة، بصفته الجهة التي تملك صلاحيات الرقابة وتتبع تنفيذ المشاريع الحكومية وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.
المثير في الأمر، حسب بعض المصادر، أن الموقع موضوع المخالفة لا يبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن مقر عمالة الإقليم، مما يطرح تساؤلات حول جدية المراقبة الميدانية، ومدى التزام الجهات الوصية بالسهر على احترام القانون وتحقيق أهداف برنامج التأهيل الذي وُضع أساساً لحماية التراث وليس تشويهه.
فهل ستتحرك الجهات المعنية لوقف هذه التجاوزات وفتح تحقيق في أوجه صرف الدعم العمومي؟ أم أن الصمت سيظل سيد الموقف رغم وضوح المخالفة والمسافة القصيرة التي تفصلها عن مقر المسؤول الأول بالإقليم؟