أولى ندوات مهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي” من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا “

صفاء أحمد آغا
أولى ندوات الدورة الرابعة عشر لمهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي كانت تحمل شعار الدورة نفسها والتي أقيمت بإحدى القاعات الكبرى لمسرح محمد السادس حيث تخللتها نقاشات وتدخلات من مختلف ضيوف المهرجان من صناع الأفلام ونقاد سنيمائيين و مبدعين و جمهور مهرجان وجدة تبين لنا مدى أهمية السينما في حياة الإنسان وواقعه المعاش .
فالسينما ليست مجرد وسيلة ترفيه أو نافذة للهروب من الواقع، بل أصبحت اليوم أداة فعالة للتأثير والتغيير، ومنصة قوية لسرد القصص وتسليط الضوء على القضايا التي تهم الإنسان والمجتمع. ومن خلال الشاشة الفضية، تُبنى الجسور بين الثقافات، وتُروى القضايا التي قد تُغفل في الإعلام التقليدي أو تُهمّش في الحياة اليومية.
السينما كجسر بين الثقافات:
السينما تُعدّ وسيلة فنية عالمية تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية، إذ تمكّن المشاهدين من التعرف على ثقافات أخرى، وفهم تجارب الشعوب المختلفة. فعندما نشاهد فيلماً إيرانياً، أو هندياً، أو فلسطينياً، نحن لا نتابع قصة فقط، بل نغوص في عمق مجتمع بأكمله، نكتشف عاداته وتقاليده وتاريخه. هكذا تُبنى جسور التفاهم والتسامح، وتتحقق فكرة “الآخر” كإنسان يشبهنا في الهمّ والحلم.
السينما في رواية القضايا الإنسانية:
السينما لطالما كانت صوتاً للمهمّشين، ومرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي. أفلام مثل Schindler’s List وHotel Rwanda وParasite وصمت القصور، وغيرها، لم تكن مجرد أعمال فنية، بل وثائق حيّة تسلط الضوء على قضايا الهولوكوست، والإبادة الجماعية، والفقر، وحقوق المرأة. السينما هنا تتحول إلى ضمير حيّ، يوقظ المجتمعات ويثير النقاشات.
السينما العربية وقضايا الأمة:
في العالم العربي، استطاعت السينما أن تروي قصص الاحتلال، اللجوء، القمع، الفساد، والفقر. أفلام فلسطينية مثل عمر والجنة الآن، وأفلام مصرية مثل الكرنك وهي فوضى، لم تُعرض فقط للترفيه، بل كانت شجاعة في مواجهة التابوهات، وكاشفة لأعماق المجتمع. ورغم التضييق أحيانًا، استمرت السينما العربية في حمل شعلة الوعي.
السينما كأداة للتغيير:
قوة السينما لا تكمن فقط في عرض القضايا، بل في قدرتها على إحداث تغيير فعلي. فقد ساهمت بعض الأفلام في تعديل قوانين، أو إطلاق حملات مجتمعية، أو حتى إعادة فتح ملفات قديمة. السينما التي تُعرض بصدق وجرأة قد تهزّ الضمير العام، وتدفع الجمهور إلى التفكير، وربما إلى الفعل .
من شاشة السينما، لا تُروى القصص فحسب، بل تُبنى جسور بين الشعوب، وتُضاء قضايا كانت في الظل، وتُزرع بذور الوعي والتغيير. إنها فن يحمل رسالة، وقوة ناعمة قادرة على إعادة تشكيل العالم، فكرةً بعد أخرى، ومشهدًا بعد آخر. لذلك، فإن دعم السينما الواعية هو استثمار في الإنسان والحق والعدالة.