العالم

أوقفوها… بإسم الإنسانية أوقفوها

playstore

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير، ماي 2024.
لا يريد السياسيون عبر العالم ان يستوعبوا حجم الإحباط الذي يزرعونه في نفوس الشباب بالخصوص و الشعوب بشكل عام وهم يقفون صامتين متواطئين مع حرب الإبادة الجماعية الممارسة ضد مواطنين عزل في رقعة صغيرة من هذا العالم .
ألفت الشعوب كما كان يدرسون لهم في الكتب المدرسية قوانين الحروب حيث تكون الندية و تكون التحالفات و تكون اشواط الفوز والخسارة في معارك المكر و المفر حتى تنتهي الحرب وتضع اوزارها ويعد المتحاربون ضحاياهم وشهدائهم و خسائرهم ،فيجلسون الى طاولة التفاوض لإنهاء امر ماكان ليبدأ لو كانت الإنسانية عاقلة ونبدت التقاتل .
لكن عبر مسارات التاريخ لم تشهد رقعة جغرافية إعتداء بحجم ما يحدث في غزة ، ربما لأن الذي يقصف لم يحدد لنفسه هذفا مقنعا للعالم ، فهو يرفع شعار إنهاء مقاومة جماعة ،ولتحقيق ذلك يبيد شعبا بأكمله !!!
الطلاب بالجامعات الدولية وهم يرفعون أعلام فلسطين واعون ان ما يحدث ليس له مبرر ان يصل إلى هذه البشاعة ، فالاطفال لا ذنب لهم فيما يرتكبه الكبار من حماقات مهما إختلفت التسميات ، والمواطنون العزل لا يمكن معاقبتهم بكونهم فلسطينيون ، فقطعا ليس كل اهل غزة ينتسبون لحماس ،كما ليس كل اليهود صهاينة …
لنكن صادقين في تحليلنا ،فنحن لا نعرف الكثير عن شعوب الغرب غير ما نعرفه عن زعماء الغرب ، ففي هذا العالم يصبح الامريكي منبودا لمجرد انه ينتسب الى الولايات المتحدة الأمريكية ، مع ان في امريكا شعب لا يدين بديانة احتلال العالم التي يعتقد بها الحاكمون .
بنفس المنطق نعمل بكل جهد على أقناع العالم ان المسلمون مسالمون وليسوا كلهم على شاكلة متطرفين سفاكين للدماء.
طلبة الغرب لا يفهمون لماذا طلبة عرب يرفعون شعار :”خيبر خيبر يا يهود ،جيش محمد سيعود “, كما لا يفهمون كيف لأتباع الديانات السماوية ان يكونوا كفارا يتم الدعاء عليهم بالدمار في صلوات المسلمين لمجرد انهم لا يتبعون دين نبيهم !!!
هكذا يفكرون وهكذا يستفسرون و يستغربون …
يعتقد كثير من الطلبة الغربيون اليوم ،ان ما يحدث بغزة لا علاقة له بجنسية الطرفين لا المعتدي ولا المعتدى عليه ، هم ينظرون الى الأمر من زاوية قد لا تروق للعرب و المسلمين ، وهي انهم يستنكرون ان ينتسب هذا العدوان لحضارتهم ،ويستنكرون ان يكون صمت حكامهم من مبادئهم ،و ان تكون هذه الإبادة بإسم دول ينتسبون إليها .
إنهم عندما يحتجون لا يتضامنون مع شعب فلسطين ولا ضد اسرائيل ، هم بكل بساطة يظهرون انهم انسانيون وان هذه الوحشية لا تمثلهم …
يسود الإعتقاد عند العرب و المسلمين ان صمت حكامهم ليس ضد شعب فلسطين ،ولكن ضد جماعة من فلسطين ، وهو اعتقاد تكرسه مجريات الأحداث بين رقعة تقصف و اخرى تتابع و تتألم من داخل فلسطين ،
هنا المفارقة المخزية ، بين غرب يحتج من منطلق مبادئ شعوبه في رفض إبادة الابرياء ، و بين عرب يصمتون من منطلق مبادئ شعوبهم بأنهم غير متحمسين للدفاع عن من خرج عن الصف الفلسطيني ( السلطة الفلسطينية) ،
وربما هذا ما يفسر ان الجماعات الإسلامية اكثر احتجاجا على ما يحدث من حرب وابادة جماعية في حق فصيل إختار المقاومة بمنطقه الذي نسج خيوطه بان إختار له رقعة خارج سلطة الدولة و سياسة خارج سياسة الدولة .
خبث السياسة هو الذي يجعل زوايا الرؤيا متعددة و تبتعد عن جوهر القضية وهو ان هناك قوة طاغية تفتك بمواطنين عزل بعيدا عن إعتبارات الحرب و مصوغاتها السياسية .
في تقديري الشخصي ،دون ان يفهم من كلامي غير قصده ، قضية غزة لم تعد قضية حرب ديانات ،ولا هي حرب مقاومة و إحتلال ،
القضية اليوم هي قضية إنسانية ،و ابعادها الإنسانية هي التي ستوحد الشعوب لوقفها بعيدا عن حسابات السياسة و الساسة و الحاكمين.
أبرياء غزة هم نحن عندما ياتي دورنا و نكون يوما في حسابات الحاكمين مجرد آثار جانبية لسياساتهم وحساباتهم.
ساكنة غزة من نساء و اطفال لا يمكن ان يقبل العالم ان يتعرضوا لعقاب جماعي دون ان يعني تواجدهم في غزة إنتسابا لجماعة ولو كان شعارها المقاومة من اجل استقلالهم.
طلبة الغرب اليوم يدعون لوقف الحرب من اجل اطفال ونساء غزة ،فيما جولات المفاوضات يقوم بها ساسة يبحثون عن مخرج لورطتهم ،سواء من خططوا لسابع اكتوبر ،او من فتكوا بغزة بعد ذلك دون ان يقضوا على حماس كما وضعوا كهذف معلن .
إننا امام مأساة إنسانية لا تحتاج لمرجعيات إيديلوجية ولا لشعارات السياسيين ، نحن اليوم أمام وضع اكبر من محتل يفتك و مقاومة تقاوم ، وضع اكبر من صراع ديانتين كانت بينهما حروب بين غالب ثارة و مغلوب اخرى ،
اليوم إنسانيتنا هي من في المحك ، تلك الإنسانية التي لا تعترف الا بحق واحد وهو حق الإنسان في الحياة ، حقه في الحماية كي لا يصبح الكون غابة يأكل فيها القوي الضعيف ، حقه في ان ينظر إليه كإنسان بعيدا عن عقيدته ولا لغته وعرقه ولا جواز سفره .
كنت دوما وسأظل ضد إحتلال إسرائيل لفلسطين ،و ساظل دوما مع حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ،
وساكون منسجما مع قناعاتي اني لم اكن يوما مع حماس منذ خرجت تقاتل السلطة الفلسطينية وتقود تمردا عليها ، وكم آلمني يوم تقاتل الفلسطينيون بينهم في شوارع غزة و الضفة الغربية …
ولست متصهينا ولا انبطاحيا حين اصف ما وقع في سابع اكتوبر بمغامرة الاقصى و ليس انتفاضة الأقصى ، فقد علمتني كتب التاريخ و مسار الحضارات و تفاصيل الحروب ان المقاومة واجب لكن حسن التخطيط لها أوجب .
وعندما نتابع اصطفاف الدول الغربية الى جانب اسرائيل ، وصمت الدول العربية و الإسلامية ،ندرك ان هناك من يريد ان يوهمنا انها حرب ضد حماس و ليس ضد فلسطين ، بنفس المنطق الذي يريد آخرون أن يجعلونا نؤمن ان حماس هي كل فلسطين او شرف فلسطين !!!!
غزة تمحى من على الخريطة ، و ما يحدث لساكنتها إبادة جماعية ،و إعتداء بإسم المنتظم الدولي على مواطنين عزل ،
اوقفوا هذا الفيلم المرعب ، فهذا لا يمت بصلة لإنسانيتنا ولا لقيم كوننا ،وكأن من يقصفون غزة غزاة من كوكب آخر ، لأننا لم نكن نعتقد يوما ان هناك بشاعة ستتكرر بعد كل الذي عشناه في الحروب العالمية .
نتنياهو سفاح غزة لا يقل عن هتلر سفاح محرقة اليهود ، ويا لسخرية القدر عندما يهرول الألمان لدعم إسرائيل !!! اعداء الامس يتحالفون ضد مواطنين عزل باسم المصالح…
إن حرب غزة لا تنتصر لطرف على آخر ، إنها بكل بساطة تعلن إنهيار الإنسانية
فهل تعتبرون ؟

pellencmaroc
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا