د.أحمد الدرداري
يتساءل المواطنون عن أسباب الأزمة الاجتماعية المرتبطة بغلاء الاسعار وأثارها المختلفة، وتباينت الشروحات بين من ربط الأسباب بحرب أوكرانيا التي تسببت في ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الدولية ومنه باقي السلع لارتباطها بالحركة التجارية التي تعتمد على النقل مما زاد في تكاليف السلع ، وهناك من ربط غلاء الاسعار بفترة جائحة كورونا وما بعدها، وهناك من يلقي اللوم على الحكومة التي عليها القيام بالمتعين لتفادي المساس بجيوب المواطنين .
وحتى وإن كانت الأسباب السالفة الذكر لها علاقة غير مباشرة بغلاء الأسعار فإن هناك عوامل أخرى لها علاقة مباشرة بموجة الغلاء وتتمثل في ما يلي :
تعد المساهمات الضريبية الاجتماعية الملحقة بمجموعة من الضرائب دعامة أساسية للأمن الاجتماعي، على غرار ما حدث بعد حدث المسيرة الخضراء حيث فرضت الدولة مساهمات ضريبية اجتماعية لدعم التضامن الوطني بعد سنة 1975 ، وذلك لتنمية الاقاليم الجنوبية ..ولكن تم التخلي عن هذه المساهمات في تسعينيات القرن الماضي.
ومع حكومة عبد الإله بن كيران الأولى تم إحداث المساهمات الضريبية الاجتماعية مؤقتا، وذلك بهدف تكوين صناديق التكافل الاجتماعي لدعم الأرامل والمطلقات والتمدرس بالعالم القروي ومحاربة الفقر والهشاشة والرفع من منح الطلبة … ولكن اليوم أين ذهبت هذه المساهمات الضريبية الاجتماعية؟
تساؤل يطرح في ظل استمرار الهشاشة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين في مقابل غلاء الاسعار بشكل غير مسبوق ، مما يلاحظ معه أن الحكومة في ظل غياب تلك المساهمات نجدها قد عادت إلى جيوب المواطنين ، وأن المساهمات الاجتماعية المرتبطة بصندوق التكافل ضد الجائحة تم خصمها من الضرائب المستحقة والمرتبطة بالشركات القابلة للخصم ، وذلك باحتساب رقم المعاملات ناقص الواجبات الضريبية الضرورية ، ومع احتساب المساهمات الضريبية الاجتماعية ضمن النفقات أدى ذلك الى نقص الضرائب المستحقة لفائدة الدولة الشيء الذي عمق الأزمة ، مما يعتبر تلاعبا محاسباتيا في مالية الدولة .
وعلى الحكومة أن تجد حلا ماليا جديدا بنفس الطريقة التي تكرس بها التكافل والتضامن الاجتماعي لمعالجة الأزمة ومراجعة الأسعار التي أصبحت تضيق الخناق على الطبقة الوسطى فبالأحرى الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة ، وأن ربط الأسعار بما هو عليه الحال على المستوى الدولي يبقى غير مبرر لكون أسعار الغاز على المستوى الدولي تراجعت إلى ما قبل الحرب الروسية الأكرانية.
ولتفادي انهيار الأنشطة ومعها القدرة الشرائية للمغاربة، وعلى غرار ما قدمته السلطات العمومية من مساعدات للمواطنين خلال الجائحة و لكل فروع الاقتصاد.
ولتفادي تصاعد التوترات ضمن أسوق تموين التوازنات المالية مع العجز المتجدد على مستوى الحسابات العمومية، وكذا ميزان التدفقات التجارية.
بالإضافة إلى الحسابات الوطنية للمندوبية السامية للتخطيط، والشروط الجديدة للجاذبية الترابية، وعملا بالتقييمات الظرفية يجب العودة لصندوق المقاصة من أجل دعم المواد الأساسية وتخفيف الغلاء عن المواطنين الذين يعانون العوز والفقر والهشاشة، ذلك أن كل تأخر أو تماطل سيزيد في تعميق الأزمة ولا مبرر لاستمرارها في ظل وجود كل الإمكانيات .