المغرب

المعارضة تتفكك والمذكرة تسقط: بن كيران يتهم، وبوانو يندد بـ”الخذلان” السياسي

أجهضت المعارضة المغربية، يوم الجمعة الماضي، واحدة من آخر محاولاتها الجادة لفرض توازن في المشهد السياسي، بعد سقوط مشروع المذكرة البرلمانية لحجب الثقة عن حكومة عزيز أخنوش. سقوط لم يأتِ من فشل خارجي، بل من داخل صفوف المعارضة نفسها، بعد إعلان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انسحابه من التنسيق، بذريعة وجود “خلافات عميقة” ومحاولات “استحواذ” من أطراف أخرى.

العدالة والتنمية لم يتأخر في الرد، حيث اتهم أمينه العام عبد الإله بن كيران الاتحاد الاشتراكي بـ”الخيانة السياسية”، ملمحاً إلى وجود صفقة خفية بين الكاتب الأول لحزب الوردة ورئيس الحكومة، واصفاً ما جرى بأنه “إفشال متعمد لآلية دستورية كان من شأنها أن تُعيد التوازن إلى السلطة التنفيذية”.

وفي ندوة صحافية بالرباط، هاجم بن كيران بشدة ما اعتبره “تواطؤاً سياسياً مفضوحاً” و”تراجعاً عن المبادئ الديمقراطية”، قائلاً إن “الانقلاب على مذكرة اللوم ليس مجرد سلوك سياسي عابر، بل هو مساس خطير بأخلاقيات العمل الحزبي، وانهيار إضافي لما تبقى من ثقة في المؤسسات”.

من جهته، وصف عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، انسحاب الاتحاد الاشتراكي بـ”الزلزال السياسي”، قائلاً إن كل مراحل الإعداد للمذكرة كانت منتهية، من التنسيق إلى الصياغة، وصولاً إلى ندوة صحافية مشتركة كانت مبرمجة قبل أن ينسحب الاتحاد بشكل مفاجئ يوم 16 ماي. واعتبر بوانو أن “المعارضة اليوم تعاني من انهيار داخلي، وانكشاف لنوايا بعض الأحزاب التي باتت أقرب للموالاة منها للمعارضة”.

وأضاف أن هذا “الفشل” كشف الوجه الحقيقي لعدد من الأطراف التي تفضل الحسابات الانتخابية على المصالح الوطنية، مؤكداً أن حجب الثقة لم يكن هدفه إسقاط الحكومة بقدر ما كان “آلية دستورية مشروعة” لتذكيرها بمسؤولياتها أمام تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا السياق، هاجم بوانو بشدة أداء الحكومة، متحدثاً عن “تواطؤ مع الفساد”، و”سيطرة المصالح الضيقة”، و”إغلاق ممنهج للنقاش البرلماني”، وسط غياب للوزراء ورفض منهجي لمقترحات القوانين والتعديلات. وقال إن هذا “الانسداد المؤسساتي” لم يكن ليُكسر سوى بحجب الثقة، لكن المعارضة “خذلت نفسها”.

وفي ظل هذا التفكك، يعتبر العدالة والتنمية أن الاتحاد الاشتراكي أصبح “عملياً في صف الأغلبية”، حتى وإن لم يُعلن ذلك بعد، حيث قال بوانو بصراحة: “ليس عيباً أن تنتقل إلى الأغلبية، لكن يجب أن تقولها بوضوح”.

هكذا انتهت محاولة حجب الثقة إلى فضح واقع مأزوم للمعارضة، إذ بدلاً من أن تكشف عن جبهة موحدة، أظهرت هشاشة التنسيق، وتآكل الثقة، وانعدام الرؤية. وبين انسحاب الوردة وغضب المصباح، يبقى المواطن المتضرر الأكبر من مشهد سياسي لا يزال عاجزاً عن ممارسة أبسط آليات التوازن والمساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى