موريتانيا ترفض طلب “البوليساريو” بفتح منطقة لبريكة الحدودية وتُشدد قبضتها الأمنية شرقاً

في موقف يحمل دلالات استراتيجية بالغة، رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بشكل قاطع طلبًا تقدم به “البوليساريو” لإعادة فتح منطقة لبريكة الحدودية، الواقعة عند المثلث الفاصل بين موريتانيا والجزائر والمنطقة العازلة. هذا القرار، الذي أُبلغ رسميًا لوفد من الجبهة الانفصالية خلال زيارة إلى نواكشوط الجمعة الماضية، يُجسد تحولا نوعيا في العقيدة الأمنية الموريتانية تجاه حدودها الشرقية.
الطلب المرفوض جاء عقب وساطة جزائرية قادها الرئيس عبد المجيد تبون، إلا أن السلطات الموريتانية تمسكت بقرار الإغلاق الذي دخل حيز التنفيذ منذ 21 ماي، بعد أن قامت القوات المسلحة الموريتانية بإحكام سيطرتها على المنطقة، في رد واضح على محاولات التسلل والانتهاكات المتكررة لعناصر البوليساريو وشبكات التهريب.
المنطقة المذكورة، التي لطالما كانت ممرًا غير مراقب للأنشطة غير المشروعة، أصبحت خلال الأشهر الماضية نقطة ساخنة أمنياً بسبب تسلل مقاتلين انفصاليين، ما دفع نواكشوط إلى إعادة تقييم موقفها وتكثيف تواجدها العسكري بالمنطقة.
ورغم لقاء جمع وفد الجبهة بسيد أحمد ولد محمد، الأمين العام لحزب “الإنصاف” الحاكم، إلا أن الموقف الرسمي لم يتغير، ما يعكس تصميم نواكشوط على منع استخدام أراضيها كنقطة عبور لأي عمليات مشبوهة قد تهدد الأمن الإقليمي، وخصوصًا ضد المملكة المغربية.
هذا الموقف الصارم يأتي في سياق إقليمي متوتر، لا سيما في المنطقة الساحلية الممتدة بين الجزائر ومالي وموريتانيا، والتي تشهد تصاعدا في نشاط الجماعات المسلحة، وتزايد المخاوف من استغلال هذه البؤر الحدودية لتنفيذ عمليات إرهابية أو أعمال عدائية.
ويبدو أن “البوليساريو”، بعد فشلها في الضغط على موريتانيا دبلوماسيًا، بدأت تلجأ إلى التهديد المباشر، حيث تداولت شبكات التواصل الاجتماعي رسائل صوتية منسوبة لعناصر تابعة للجبهة، تلوّح باستهداف خط السكك الحديدية الاستراتيجي الذي ينقل خام الحديد من زويرات إلى ميناء نواذيبو، في محاولة لابتزاز نواكشوط وإجبارها على التراجع عن قرارها السيادي.
وتتزامن هذه التحركات مع محاولة الجبهة الانفصالية تعويض الخسائر الميدانية التي تلقتها في المنطقة العازلة على يد القوات المسلحة الملكية، من خلال تكتيك التسلل عبر الأراضي الموريتانية، وهو ما جعل نواكشوط ترى في ضبط حدودها مسألة أمن قومي لا تقبل المساومة.
قرار موريتانيا الرافض لإعادة فتح لبريكة ليس مجرد موقف عابر، بل يعكس تحولاً جوهرياً في توازنات المنطقة، ورسالة واضحة بأن نواكشوط ترفض أن تكون ساحة عبور أو منطلقًا لأي مغامرات عسكرية ضد المغرب، أو تهديدًا لسلامة أراضيها.