المغرب

هل المغرب تحول من دولة تابعة للغرب واصبح يلعب في ملعب الكبار؟

يبدو ان المغرب حصن لنفسه موقعا داخل الخريطة السياسية للدول الكبرى، فبفضل صناعاته العسكرية، اصبح يقطع حبال التبعية ويحقق استقلاليته السيادية. حيث مورست في حقه مجموعة من الضغوطات الاجنبية، بل الاكثر من ذلك، كانت تفرض عليه مواقف معينة، لان البناء الاقتصادي هو الذي يحدد البناء السياسي. فبدون اقتصاد وطني قوي، وخاصة في المجال الصناعي، تكون الدول عرضة لانتهاك شأنها الداخلي، كما هو الحال في ملف الصحراء المغربية، التي كانت تستعمل كورقة ابتزاز من طرف مجموعة من الدول الكبرى.

لكن ما نلاحظه اليوم، هو ان المغرب حسم قضيته الوطنية، واصبح يدخل بقوة في عالم تصنيع الاسلحة. وبطبيعة الحال، فان هذا التطور لن يروق لمجموعة من الدول الكبرى التي تتحكم في دواليب السياسة العالمية.

اما علاقة التوتر، في السنتين الاخيرتين، مع مجموعة من الدول الاوروبية، سواء فرنسا او اسبانيا او المانيا، فما هي الا تحصيل حاصل للتطور الذي شهده المغرب على المستوى الصناعي. بطبيعة الحال، فان الدول الكبرى لن يعجبها خروج المغرب من قبضتها الاقتصادية، حيث وضعت بعض الدول عراقيل في طريقه، خصوصا فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، بهدف تحقيق مصالحها الاقتصادية على حسابه، وكذلك من خلال توظيف عناصر وتجنديها لبث الفوضى وخلط الاوراق داخل المغرب.

غير ان الدولة المغربية استفادت من دروس دول اخرى تم زعزعتها، لانها حاولت ان تبني لنفسها اقتصادا وطنيا غير مرتبط باقتصاد الدول المهيمنة. فالسياسات التي نهجتها الدول الراسمالية في حق تركيا، تم تكرارها مع المغرب من اجل حصاره اقتصاديا، وذلك بمحاولة ابقاء اقتصاده محصورا في القطاعات الخدماتية، وسياسيا عن طريق خلق فوضى في ملف الصحراء المغربية.

هذه السياسة التي استعملت مع المغرب هي سياسة قديمة جديدة، لكن المغرب عرف خيوط اللعبة وكيف تدار، فلم يسقط في البئر كما سقطت دول اخرى مثل العراق، والتي لم تستطع التملص من التبعية السياسية والاقتصادية.

ان دخول المغرب مجال الصناعات العسكرية هو رسالة واضحة، اقتصاديا وسياسيا، ان المغرب له سيادته وخطوط لن يسمح بتجاوزها مع اي كان. وما التخوفات التي ظهرت في بعض الاوساط الاسبانية، الا نتيجة للتطور الذي شهده المغرب، وكذلك بعض الدول العربية والافريقية التي لم تفتأ تهاجم المغرب، سواء في السر او العلن، الا بعدما اصبح يتصدر المشهد العربي والافريقي.

فمنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، قال بوضوح: نريد مغربا حديثا، مما يعكس عمق رؤيته السياسية للعلاقات التي تنتظم بين الدول القوية والدول الضعيفة. وكان على دراية بان المغرب لن يتحرر من التبعية الاقتصادية الا بتطوير الصناعة الوطنية، وخصوصا في المجال العسكري.

هذه السياسة التي تبناها منذ سنوات، ها هو المغرب يجني ثمارها، وها هو يلعب باوراق ضغط مع كل من يعاديه. وخطابات الملك محمد السادس كانت واضحة في هذا الجانب، حيث وجه رسائل مباشرة للعالم مفادها ان الصحراء المغربية هي معبر الجلوس مع الدولة المغربية.

وقد ابان المغرب عن حزم كبير، اذ لم يتساهل مع فرنسا في حربائيتها اتجاه القضية الوطنية بشكل صريح، مما افرز توترات بين البلدين في محطات معينة، لكن المغرب لم يحني راسه، وكذلك الامر مع اسبانيا.

كما انه لم يخضع للضغط الامريكي فيما يتعلق بعلاقته مع الصين وروسيا، اذ يتعامل معهما وفق ما يخدم مصلحته الوطنية.

وفي ظل كل هذا، اصبح المغرب معادلة قائمة بذاتها في واقع الصراع العالمي، لا يمكن تجاوزها بخطاب من دولة كبرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى