المغرب

“التبركيك” في المغرب.. الرادارات التي لا تنام

أمينة أوسعيد

تجدهم في كل حي وشارع من شوارع المدن المغربية. عيونهم مثبتة كرادارات مراقبة السرعة. يختبؤون خلف الشبابيك. يختلسون السمع وتلتهمك نظرتاهم المتطفلة. مهمتهم الأساسية هي النبش في حياة الأخرين لمعرفة التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة والبحث عن الأسرار المتوارية خلف الأبواب المغلقة حتى تكون مادة دسمة تلوكها ألسنتهم. يأكلهم الفضول في معرفة الجديد وإن كان لا يسرهم يشهرون أسلحة الحسد و”التابعة” ونشر الإشاعات لمحاربة الناجحين.

“التبركيك” سلوك غير صحي يجعل الفضوليين يقحمون أنوفهم في خصوصيات الأخرين وتتزايد رغبتهم بمعرفة أسرار حياة الأشخاص المحيطين بهم بأدقِّ تفاصيلها، والتدخل في أمور حياتهم أحيانا. ربما يكون الفضول طبيعة ثابتة في الإنسان حيث نرغب جميعنا بمعرفة ما يدور حولنا أو معرفة معلومات عن أشخاص محددين، لكن مع ذلك قد تصل الأمور في بعض الأحيان إلى مرحلة خطيرة حيث يصبح الفضول مرض وعنصر يتحكم بالتصرفات عند بعض الأشخاص.

فتجد في كل حي مجموعة من النساء والرجال على حد السواء الذين يستبيحون الحياة الشخصية للأخرين ويحرصون على معرفة الشاردة والواردة ويقومون بدور وكالات الأخبار التي لا يخفى عليها أمر بشكل مبالغ فيه. وقد تصادف هذا النوع من البشر في العمل أيضا خصوصا إن كنت جديد الالتحاق بالفريق. فلن تسلم من الغمز واللمز ولن تستطيع الاستمرار سوى بقطع الطريق على هؤلاء والتعامل بحدود دون السماح لهم بتجاوز الخطوط الحمراء معك. وقد امتدت ظاهرة “التبركيك” إلى داخل الأسرة المغربية بحيث أصبح الهدف من تبادل الزيارات العائلية عوض صلة الرحم «التبركيك” فيما طرأ من تغيير في أثاث البيت ومعرفة أخبار فلانة لماذا طلقت وزوجة فلان لماذا لم تنجب لحد الآن وغيرها من الأسرار التي تنبش واللحوم التي تنهش على موائد نفس العائلة.

 كثيرون للأسف يمتهنون خاصيّة التدخل والفضول في حياة وشؤون الآخرين حيث يعد هذا تصرفا مذموما وفعلا قبيحا وسلوكا شاذا. فهو من المشكلات الأخلاقية المزمنة والاجتماعية المنتشرة بشدة في المغرب وتختلف حدتها من مدينة إلى أخرى وفقا للمستوى الحضاري والثقافي. حيث تنتشر هذه الظاهرة بشكل أكبر في المدن الصغرى التي يعاني سكانها من الفراغ.  والتي تكثر فيها البطالة وتغيب فيها الأنشطة الرياضية والثقافية التي تساهم في وعي الانسان وتلهيه عن الاشتغال بحياة الأخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا