فرض التعاقد على مهن التربية والتكوين كنظام توظيف متحرك وغير رسمي في السنوات الأخيرة والذي يصعب حسم الموقف معه أو ضده ، إذ يمكن القول مثلا بالرأي المؤيد للتعاقد و أنه موجود في الدول الديمقراطية المتقدمة والمحترمة،وسيساعد على ارتقاء النظام التعليمي الوطني ويفتح للمدرس آفاق واسعة لتطوير قدراته المهنية والتربوية ويسمح له برفع دخله وتحسين مستواه المعيشي والاجتماعي ،خاصة أننا جربنا نظام التوظيف الثابت والرسمي وأن المهم هو وجود عرض تعليمي جيد يستجيب لحاجات وتطلعات المغاربة ،بناءا على المثل المعروف ليس المهم من يحمل الراية المهم تبقى مرفوعة. لكن من يقدم الضمانات ؟ نحن أمام سلطة تربوية ضعيفة بإدارة تقليدية صلاحياتها مبهمة وشبه منزوعة ،ليست لها رؤية واضحة حول الموضوع حيث فرض عليها تدبيره بطلب من المركز في إطار الجهوية الموسعة ولعل التخبط والتضارب واحتجاجات الأساتذة الحالية أكبر دليل. إضافة إلى السياق الدولي والوطني المتميز بضغوط البنك الدولي وتوصياته بسبب ارتفاع حجم الديون والخصاص المهول في الموارد البشرية داخل القطاع وعدم قدرة الدولة على تغطيته إلا عن طريق التشغيل المؤقت هذا . إذن في ظل هذا السياق الغير ملائم سنجد أنفسنا أمام ضياع حقوق عشرات الآلاف من الأساتذة والأستاذات وسيكونون ضحايا لهذا النوع من التوظيف ،الذي يمكن أن يؤدي إلى تحرير سوق التعليم ويصبح عندنا تدبير مفوض و دفتر تحملات واحتكار ولوبيات ويبقى الأستاذ يتبع لشركة خاصة تناوله للمؤسسات التعليمية بواسطة عقود عمل عن طريق ما يسمى بالمناولة ، في إ طار السياسة النيوليبرالية المتوحشة حول التشغيل بشكل عام والتي تعتبر تكلفة العمالة في الإنتاج خسارة اعتمادا على المبدأ الرأسمالي ( الداخل ربح والخارج خسارة ) ولذلك يعملون الآن على تطوير الربوتيك بشكل غريب . فقضية التعليم في بلادنا هي قضية معقدة ،تحتاج إلى إرادة سياسية قوية لدى كل الجهات الفاعلة والمتدخلة في شق منهاج تعليمي واضح يجيب على كل الإشكالات المطروحة بجرأة و تجرد لأن الفاتورة المجتمعية لهذا التأخير والتأجيل تبدو مكلفة جدا ، ينطلق من مرجعية ثابتة تراعي خصوصية المجتمع والأسرة وهوية المتعلم وتطلعاته الاجتماعية والثقافية والنفسية ،ويرصد الآليات والأدوات اللازمة من تمويل وفضاء وبرامج وأطر إدارية وتربوية…..ثم يرسم الأهداف والمآلات من عملية التعليم و الإجابة عن سؤال ما نهاية هذا المنهاج ؟ وما هدفه ؟ هل الهدف هو التربية والعلم والوعي والتجديد والبناء الحضاري ،أم فقط ربط مخرجات المدرسة بسوق الشغل بتخريج أفواج من التقنيين والفنيين لخدمة الشركات وعالم المال والأعمال بمعني منتج تعليمي عبارة عن سلعة استهلاكية . أين حق الأمة في التعليم من المؤرخين والفقهاء والفلاسفة وعلماء السياسة والاجتماع والفكر والثقافة و…..قد يقول قائل هؤلاء موجودون نقول له نريدهم بالمئات والآلاف ، حتى يعلموا الناس الخير في هذا العالم الضيق بأهله على الرغم من فسحته ويحرسوا لهم عقيدتهم وأخلاقهم وقيمهم وسعادتهم ، لأنه ليس بالدخل الفردي وحده يحي الإنسان والناتج الوطني للسعادة أولى من الناتج الوطني الإجمالي كما أن الدول المتقدمة التي فيها أكبر معدلات الدخل فيها أيضا أكثر حالات الإنتحار. عمر
القائمة البريدية
الاشتراك في القائمة البريدية
يمكنكم متابعة وتلقي مختلف الأخبار والمقالات عبر البريد الالكتروني
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق