طلبة الماستر في أكادير… بين صعوبة الوصول ومسؤولية التعليم العالي

شهدت مدينة أكادير مؤخراً وضعية صعبة لطلبة الماستر القادمين من مدن بعيدة، الذين اضطروا للنوم أمام الحي الجامعي في ظروف باردة، في انتظار الحصول على مكان إقامة أو تسوية وضعيتهم السكنية. هذه الظاهرة ليست مجرد حادث عابر، بل تعكس ثغرات عميقة في السياسات التعليمية والاجتماعية المرتبطة بالتعليم العالي.
من يتحمل المسؤولية في هذا الوضع؟ الجواب الأول يكمن في قطاع التعليم العالي والمؤسسات الجامعية، التي يفترض أن توفر الحد الأدنى من الدعم المادي والسكني للطلبة، خاصة أولئك القادمين من مناطق بعيدة. إن غياب تنظيم مسبق لإيواء الطلبة، أو نقص التواصل مع الطلاب بخصوص القدرة الاستيعابية للحي الجامعي، يجعل الطلبة عرضة للمخاطر الجسدية والصحية، ويحول تجربة التعليم العالي إلى معاناة يومية.
هذا الوضع يطرح كذلك سؤالاً أساسياً عن سياسة الحد من الإقصاء الاجتماعي: هل يجب أن تُحرم الأسر ذات الدخل المحدود من متابعة تعليم أبنائها في المدن الكبرى لمجرد عدم توفر الموارد؟ الواقع يقول إن الفقر لا يجب أن يكون عائقاً أمام الحق في التعليم، وهو ما يتطلب من الدولة تطوير برامج دعم السكن والمنح والمساعدات المالية للطلبة، بما يضمن لهم ظروف دراسة لائقة وآمنة.
كما أن هذه الأزمة تشير إلى غياب استراتيجية شاملة للتعليم العالي مرتبطة بالعدالة الاجتماعية، حيث يتم التركيز على البنية الأكاديمية دون مراعاة البعد الاجتماعي للطالب. ومن هذا المنطلق، يتحتم على الوزارة المعنية و الإدارات الجامعية وضع خطة عاجلة للتعامل مع هذه الحالات، تشمل توفير الإيواء المؤقت، دعم النقل، ومنح إضافية للطلبة الفقراء، إضافة إلى تعزيز التعاون مع جمعيات المجتمع المدني لتقديم حلول عملية.
في النهاية، ما يعانيه طلبة الماستر في أكادير ليس مجرد مشهد فردي، بل صورة مصغرة لأزمة أكبر في السياسات التعليمية والاجتماعية بالمغرب. إن استمرار هذه الوضعية سيؤثر على تحصيل الطلبة ويزيد من الإحساس بالإقصاء، بينما الحلول المتاحة قائمة، وتتطلب إرادة سياسية قوية ومتابعة دقيقة لضمان أن يكون التعليم حقاً متاحاً للجميع، بغض النظر عن الأصل الاجتماعي أو الجغرافي للطالب.




