
شهدت مدينة صفرو صباح اليوم اضرابا حاشدا لعمال شركة SOS المكلفة بالنظافة، احتجاجا على ما وصفوه بممارسات مهينة من طرف المدير المحلي للشركة، مطالبين برحيله الفوري. لم تكن المطالب مادية صرفة، بل ان الشعارات التي رفعها المحتجون تمحورت حول الكرامة، ورفض الاهانة، والمطالبة بالمعاملة الانسانية.عمال النظافة في صفرو، الذين يشتغلون في صمت منذ سنوات من اجل نظافة المدينة وصحة السكان، قرروا هذه المرة ان يرفعوا الصوت. لا بسبب تأخر الاجور، ولا بسبب ضعف العتاد، بل لان كرامتهم باتت تداس بشكل يومي، كما اكدوا، من طرف مسؤول لا يتردد في الشتم والسب، ويستعمل الفاظا مهينة تنال من انسانيتهم.من غير المقبول ان يعامل عمال النظافة، وهم في مقدمة من يواجهون الاوبئة والمخاطر البيئية، ككائنات دونية تنادى باسماء الحيوانات، ويجبرون على العمل لاكثر من 8 ساعات دون مراعاة لحقوقهم. فهل هذه هي شروط العمل في المغرب الذي يتحدث عن التنمية والعدالة الاجتماعية؟اللافت ان هذه الفئة من العمال، التي تعد من اكثر الفئات هشاشة، قلما تجد من يدافع عنها. لا النقابات الكبرى تتحرك بما يكفي، ولا الجمعيات الحقوقية تعبر عن تضامن صريح، وكان عمال النظافة خارج نطاق اولويات المجتمع المدني.الغريب ايضا ان بعض الجمعيات النسائية، التي ترفع صوتها لاجل قضايا شكلية احيانا، لا تحرك ساكنا امام الظروف القاسية التي تشتغل فيها النساء في هذا القطاع، باجور زهيدة وبدون حماية اجتماعية.احد ابرز المطالب التي رفعها المحتجون كانت موجهة الى عامل الاقليم، السيد ابراهيم ابو زيد، من اجل التدخل العاجل لفتح تحقيق نزيه، ومحاسبة المسؤولين، ومراقبة دفتر التحملات، واحترام قانون الشغل، وتوفير العدالة في الاجور. وهي مطالب مشروعة تعكس عمق الازمة التي يعيشها هذا القطاع.هؤلاء العمال ليسوا مجرد مكنسة في يد شركة، بل هم عماد نظافة المدينة وسلامة احيائها. ومن الظلم ان يختزل دورهم في تنظيف الشوارع، بينما تهان كرامتهم في الكواليس.ما وقع في صفرو اليوم ليس حدثا عابرا، بل صرخة من قلب الهشاشة. صرخة تحتم على السلطات، والجمعيات، والنقابات، ان تعيد النظر في موقع عامل النظافة داخل المنظومة الاجتماعية. لان العدالة لا تقاس بما يقال في الندوات، بل بما يطبق في الشارع.