الفوتوشوب في خدمة "القريط" السياسي (صفرو أنموذجا)

“القريط” هي لفظة لا يعرف معناها إلا من تنسم هواء صفرو وخالط أهلها وأكل من طنجيتها…وهو يرتبط عموما بثقافة النقد السلبي التي ظل الصفريويون يحاربونها في بيوتهم ردحا من الزمن، والتي كانت منتشرة في صفوف بعض النساء اللواتي كن يجتمعن أمام بيوتهن على الحديث عن شخصية ما كتب لها أن تكون جزئيات حياتها على كل لسان.
تطور المجتمع واستطاعت النساء الصفريويات بفضل حنكتهن واجتهادهن تجاوز هذه الثقافة الرجعية، لكن أقلام بعض الإعلاميين من مرتزقة السياسة أبت إلا أن تحافظ على أصالة ثقافة “القريط” في مناولتها للقضايا السياسية المعاصرة.
لقد أضحت المستجدات المعاصرة تتداول بشكل بذيء ينم عن المستوى الهزيل لهذه الشرذمة من الأقلام المأجورة، التي أضحى همها الشاغل تشويه صورة تنظيم معين وإثارة زوابع وهمية لحجب الحقيقة عن المواطن.
إن “القريط” السياسي في ماهيته ليس مسألة لصيقة بمدينة صفرو بقدر ما هو ظاهرة وطنية توحي بالهشاشة السياسية لبعض الطفيليات المشجعة له والمحركة لخيوطه، والتي تقتات على تشويه رموز السياسة النظيفة؛ فعوض مناقشة الأفكار والإجراءات التدبيرية المرتبطة بقضايا وهموم المواطنين محليا ووطنيا، أصبحنا نرى ورثة “القريط السياسي” يتلذذون في التفنن لتسخير “الفوتوشوب” وسيلة للتهكم والتشويش. ولعل لسان الحال أبلغ من لسان المقال؛ فالعديد من المواطنين شاهدوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي كيف أضحى الساسة سلعة رخيصة في أيدي المرتزقة، وما الصورة المركبة للبرلماني عبد العلي حامي الدين والشابة التي زور “الهاشتاج” الخاص بها المستعمل خلال الحملة الانتخابية الأخيرة إلا أنموذج لذلك.
وليس حال الفوتوشوب بصفرو ببعيد عما هو عليه وطنيا في تسخيره لضرب مصداقية التنظيمات السياسية الناجحة وتبخيس منجزاتها، فهاهو “القريط السياسي” يتربعصفحات بعض وسائل الإعلام الالكترونية التي تنحاز عن الموضوعية في طرح القضايا وتختار الفلكلورية والبهرجة عنوانا لمقالاتها السطحية، فلا تزال الذاكرة تختزن كيف تم تناول حملة النظافة أيام عيد الأضحى، وإجراءات جمع الكلاب الضالة، ومأسسة تنظيم مهرجان حب الملوك وإخراج جريدة “معا نستطيع” وغير ذلك من المبادرات التي استحسنها المجتمع الصفريوي واستهجنها عرابو الفساد.
المجتمع المغربي -يا سادة- قطع منذ زمن ليس بالبعيد مع الجهل السياسي واختار الوعي والتشاركية بديلا عن “القريط” المنبوذ، فكفى استهتارا بعقول المواطنين ومرحبا بكل نقد بناء ينبني على مقارعة الأفكار بالأفكار.