المتحف المصري الكبير.. صرح يعيد إحياء ذاكرة الحضارة الإنسانية

يفتتح المتحف المصري الكبير أبوابه ليقدم للعالم أكبر تجمع أثري في التاريخ الحديث، يضم أكثر من 57 ألف قطعة من كنوز الحضارة المصرية القديمة، في حدث وصفه علماء الآثار بأنه “الأهم في القرن الحالي”. هذا الصرح العملاق لا يمثل مجرد متحف، بل مشروع حضاري شامل يعيد رسم ملامح التاريخ الإنساني من بوابة مصر، أرض الفراعنة ومهد الحضارات.
يتميز المتحف بعرض كامل لمقتنيات الملك توت عنخ آمون لأول مرة في مكان واحد، وهي مجموعة أسطورية تضم أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية، من بينها القناع الذهبي الذي يزن 12 كيلوغراما، والتابوت الأول المصنوع من الذهب الخالص بوزن 112 كيلوغراما، إضافة إلى كرسي العرش والعجلات الحربية التي استخدمها الملك الشاب. هذه الكنوز تجسد مزيجا فريدا من الفن والروحانية، وتكشف عن نظرة المصريين القدماء لفكرة الأبدية والخلود.
ويستقبل المتحف زواره بتمثال رمسيس الثاني الشاهق الذي يتجاوز ارتفاعه 11 مترا، كأنه حارس الزمن الذي يربط الماضي بالحاضر. كما تزيّن المسلّة المعلقة الساحة الخارجية بطريقة فريدة تتيح للزوار مشاهدة النقوش الملكية من جميع الزوايا، في تجربة بصرية تمزج بين عبقرية التصميم القديم وروح الابتكار الحديث.
يمتد المتحف على مساحة عرض تبلغ 18 ألف متر مربع، تشمل 12 قاعة رئيسية، ومركز ترميم متطور حاصل على شهادات جودة واستدامة دولية، مما يجعله من أبرز المؤسسات المتحفية في العالم من حيث التقنيات الحديثة في العرض والحفاظ على القطع الأثرية.
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد وجهة سياحية، بل رمز للهوية الثقافية المصرية ورسالة إلى الإنسانية بأكملها، تؤكد أن الحضارة التي أضاءت التاريخ منذ آلاف السنين ما زالت قادرة على الإلهام والتجدد. فهو جسر بين الأجداد والأحفاد، بين الحجارة الصامتة وروح الإنسان الباحث عن الخلود.




