أعلنت ثلاثة أحزاب مغربية، هي الحركة الشعبية، الحزب المغربي الحر، والحزب الديمقراطي الوطني، اليوم الخميس، عن إطلاق أرضية سياسية جديدة تحمل اسم “التكتل الشعبي”، بمقر حزب الحركة الشعبية. ويأتي هذا المشروع السياسي في سياق ما وصفه المبادرون بـ“أزمة مؤسساتية” تتمثل في تراجع دور الوساطة الحزبية والنقابية والجمعوية، وتفاقم العجز الوظيفي للمؤسسات على المستويات الوطنية والجهوية والإقليمية، إضافة إلى تنامي “التأطير العشوائي” الذي يعمِّق الهوة بين المواطن والمجالس المنتخبة.
رؤية لإعادة النبل للممارسة السياسية
تطمح الأرضية التأسيسية للتكتل الشعبي إلى “إعادة الاعتبار للممارسة السياسية” وتجديد دور الوساطة المؤسساتية، مع تعزيز التركيز على البرامج والاختيارات بدل الصراعات الضيقة. ويرى المبادرون أن المشهد الحزبي الحالي يعاني من “التشردم” والتنازع على المصالح، ما دفعهم إلى تأسيس بديل سياسي يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة في المغرب.
انفتاح على قوى حزبية ومدنية
وأكد المبادرون خلال لقاء الإعلان الرسمي عن التكتل استعدادهم للانفتاح على مختلف القوى الحزبية والنقابية والمدنية التي تتوافق مع مرجعيات وأهداف هذا المشروع، مع الإشارة إلى إمكانية تطوير الأرضية التأسيسية تبعًا للمقترحات والأفكار التي يقدمها المنضمون الجدد. ويعكس هذا الانفتاح رغبة التكتل في بناء مشروع سياسي جامع ومتكامل قادر على تجاوز التحديات الراهنة.
تاريخ يمتد إلى فترة الاستقلال
تستند رؤية التكتل الشعبي، وفق الوثيقة المرجعية، إلى إرث سياسي يعود إلى مرحلة ما بعد استقلال المغرب، حين برزت فكرة “التكتل الشعبي” كبديل لحزب مهيمن، وأسست لتعددية سياسية ذات معنى. غير أن الانشقاقات الحزبية وما تلاها من متغيرات سياسية أثرت على هذه التعددية، ما دفع الأحزاب الثلاثة إلى العمل سويًا لتجاوز هذه الصعوبات عبر مشروع موحِّد.
مبادئ دستورية وأولويات تنموية
يؤكد التكتل الشعبي التزامه بثوابت الأمة المغربية، من ملكية دستورية ووحدة وطنية واختيار ديمقراطي، مع إدراج حقوق الإنسان والكرامة والتنوع الثقافي ضمن أولوياته. كما يعطي المشروع أهمية كبرى للعدالة الاجتماعية والمجالية، والحد من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، فضلًا عن دعم التنمية في المناطق النائية من خلال الاستثمار العمومي وتطبيق خيار الجهوية المتقدمة.
تطوير نخب جديدة ومحاربة الفساد
يشدد التكتل على ضرورة إفراز نخب سياسية جديدة تتمتع بالكفاءة والنزاهة والشفافية، وقادرة على تعزيز العمل الديمقراطي في المؤسسات التمثيلية. كما يضع ملف محاربة الفساد وتخليق الممارسة الحزبية في صلب اهتماماته، مؤكدًا على الدفاع عن قضايا الأسرة المغربية وحقوق المواطنين في مجالات الصحة والتعليم والسكن.
دبلوماسية موازية ومغاربة العالم
يعتزم التكتل الشعبي كذلك تعزيز الدبلوماسية الموازية من خلال الانفتاح على المنظمات الحزبية الدولية، إضافة إلى توثيق العلاقة مع مغاربة العالم واستقطاب كفاءاتهم للمشاركة في مشاريع التنمية. ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز موقع المغرب إقليميًا ودوليًا، والدفاع عن الوحدة الترابية وقضية الصحراء المغربية.
آليات للتنفيذ والتنسيق
ضمن الآليات العملية التي سيعتمدها التكتل لتحقيق أهدافه، تنظيم لقاءات دورية لمناقشة القضايا الوطنية ذات الأولوية، وتشكيل لجان وطنية وجهوية وقطاعية لدراسة الملفات الكبرى. كما يعمل التكتل على مد جسور التواصل مع مختلف فئات المجتمع عبر قوافل للتأطير السياسي والاستماع لتطلعات المواطنين.
نحو مشروع سياسي جامع
بهذا الإعلان، يأمل المنضوون تحت لواء “التكتل الشعبي” في ضخ دماء جديدة في الحقل الحزبي المغربي، عبر توحيد جهود القوى التي تشترك في الأهداف والمرجعيات الدستورية، من أجل تقديم عرض سياسي يواكب التحولات ويعزز الثقة بين المواطن والمؤسسات، بما يعكس جوهر الوحدة في التنوع.