انسحاب النيجر يوجه ضربة قاضية لمشروع أنبوب الغاز الجزائري والمغرب يعزز ريادته القارية

تلقى مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي تقوده الجزائر لنقل الغاز النيجيري نحو أوروبا عبر النيجر، ضربة جديدة وقاسية بعد إعلان انسحاب النيجر رسميًا منه، في وقت يواصل فيه مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب كسب مزيد من الدعم الإفريقي والثقة الدولية.
مشروع الجزائر… حلم متعثر وسط الفوضى
رغم الترويج الجزائري للمشروع منذ سنوات كـ”خيار بديل” لتزويد أوروبا بالغاز، لم يتمكّن هذا المخطط من إقناع الشركاء، سواء على الصعيد الإفريقي أو الدولي. فالبنية الأمنية الهشة في الساحل، الذي تمر عبره الأنابيب، والغموض المالي والمؤسساتي، أفرغا المشروع من أي جدوى استراتيجية حقيقية.
قرار نيامي بتجميد دراسات الجدوى جاء في سياق توتر دبلوماسي حاد بين الجزائر ودول الساحل، خصوصًا بعد حادثة إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة مالية، والتدهور المتسارع في علاقات الجزائر مع دول تحالف دول الساحل (AES).
المغرب يواصل تقدّمه بخطى ثابتة
في المقابل، يبرز مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب بوصفه البديل الواقعي والأكثر طموحًا. يمتد هذا الأنبوب على طول 5600 كلم، عابرًا 13 بلدًا إفريقيًا غربًا، لينتهي في المغرب. المشروع يحظى بدعم أكثر من عشر دول إفريقية عبر مذكرات تفاهم، كما أُطلقت عملية تعبئة التمويل بمشاركة مؤسسات إقليمية ودولية.
وضع المشروع تحت إشراف مباشر من الملك محمد السادس، ويُعد أحد أبرز أعمدة الاستراتيجية المغربية الهادفة إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وتحقيق الاندماج القاري، وضمان الأمن الطاقي.
واشنطن تراقب وتدعم
في تطور لافت، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا عن اهتمامها بالاستثمار في المشروع، في حين اكتملت دراسات الجدوى التقنية والبيئية، ما يؤكد جاهزية المشروع للمرحلة المقبلة، ويعزز جاذبيته بالنسبة للمستثمرين.
الجزائر تفقد موقعها في معركة الغاز
انسحاب النيجر يكشف العزلة المتزايدة للجزائر على الصعيد القاري، وعجزها عن صياغة مشروع جامع ومقنع. في المقابل، ينجح المغرب في بناء تحالفات متينة حول مشروعه الطاقي الأطلسي، الذي يجمع بين النجاعة الاقتصادية والبعد الجيوسياسي.
ولم يعد الأمر مجرد منافسة في مجال الطاقة، بل يعكس تحولًا عميقًا في موازين القوى الإقليمية، حيث بدأت الدول الإفريقية تُراهن على الشراكات القائمة على الاستقرار، الجدوى والتنمية المشتركة، وهي عناصر افتقدها المشروع الجزائري، وكرّسها النموذج المغربي.