العالم

الولايات المتحدة: النساء الفاعلات في العمل الاجتماعي، أياد ممدوة لبناء جسور التضامن بين أفراد الجالية المغربية

playstore

واشنطن – هن أياد ممدوة لفعل الخير، نساء من الجيل الأول للمهاجرين المغاربة في الولايات المتحدة الأمريكية، ندرن أنفسهن لبناء جسور التضامن بين أفراد الجالية المغربية وتقديم الدعم والسند لمن اعترضت النوائب وعثرات الطريق مسار اندماجه في بلد الاستقبال. هؤلاء النسوة الرائدات في العمل الاجتماعي اللواتي رست بهن رحلة الاغتراب في مرافئ قصية وراء البحار، رسمن مسارا مهنيا واجتماعيا ناجحا بعد سنوات من الجهد والعمل الدؤوب، عززنه بانخراط فاعل في العمل التطوعي والخيري لفائدة أفراد الجالية المغربية، وكذا لعدد من الجاليات الاخرى، كما شمل فيض عطائهن بلدهم الأم من خلال العديد من المبادرات لدعم الجمعيات النشيطة في عدة جهات بالمملكة. ولم ينل زحف السنين ولا المشاغل الأسرية والمهنية وتبدل الأحوال في بلد الاغتراب، من عزيمة وإصرار هؤلاء النسوة اللائي تجر كل واحدة منهن خلفها مسيرة تمتد لسنوات خبرن فيها الكثير من المحن والمصاعب التي أكسبتهن اليوم تجربة ثرية يستثمرنها بسخاء في تقديم العون لأبناء جلدتهن وخاصة الوافدين الجدد منهم. ويقدم العمل الذي تقوم به الناشطات المغربيات صورة إيجابية عن المرأة المغربية الفاعلة في محيطها والساعية الى إعلاء القيم الانسانية للتآزر والتكافل، وهو الامر الذي أكسبهن احتراما وتقديرا سواء في أوساط الجالية المغربية أو لدى الفاعلين والمؤسسات الامريكية التي يسرت للعديدات منهن إمكانية إنشاء جمعيات تعمل وفق مقتضيات القوانين الامريكية المؤطرة للعمل الاجتماعي. وقد اتخذ هذا العمل الذي بنته هؤلاء النسوة بجهد وتضحيات، زخما أكبر في السنوات الاخيرة في ظل الطفرة الرقمية التي يعرفها مجال الاتصالات واللائي وظفنها على نحو إيجابي أتاح توسيع نطاق عملهن الاجتماعي وتوطيد الاواصر بين افراد الجالية في مختلف الولايات الامريكية، والتفاعل بسرعة وفعالية أكبر مع الحالات التي هي بحاجة للمساعدة. واستثمرت هؤلاء الفاعلات المغربيات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الحديثة عبر شبكة الانترنيت، وكذا تطبيقات الهواتف الذكية كمنصات لاستقطاب أكبر عدد ممكن من أفراد الجالية المغربية وتحفيزها على تقديم الدعم والمساعدة والانخراط في الأعمال الاجتماعية والنفعية. وأنشأن في هذا الاطار، مواقع على شبكة الانترنيت وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعملن أيضا على تنشيط فقرات في الاذاعات الرقمية التي تحظى بإقبال كبير من لدن أفراد الجالية المغربية في هذه الربوع الذين يتفاعلون بأريحية مع نداءات التضامن والحالات الانسانية المعروضة. وقد أسهم هذا الجهد الموصول في تخطي العقبات التي واجهت مغاربة من مختلف الفئات وعبد طريق الاندماج والنجاح لهم، كما مكن من رأب صدع العديد من الاسر المغربية في المهجر التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التفكك جراء مشاكل بين الازواج لاسيما بالنسبة للزيجات المختلطة، فضلا عن التصدي للصعوبات المرتبطة بفقدان الشغل وتكاليف المعيشة بالنسبة لعدد آخر من الأسر. من بين النماذج المضيئة في مجال العمل الاجتماعي في الولايات المتحدة ، يبرز إسم نوال الرسيمي رئيسة جمعية “الأيادي الممدودة” بفيرجينيا في منطقة واشنطن الكبرى، والتي تكرس عملها لتقديم مختلف اشكال الدعم لافراد الجالية المغربية. وتقول نوال الرسيمي التي وفدت قبل أزيد من عقدين الى الولايات المتحدة، في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء، أن انخراطها المبكر في العمل التضامني أملته “القناعات والقيم التي تربيت عليها في المغرب وغيرتي على أنباء بلدي”، مبرزة أن العمل الذي قامت به النساء الرائدات ألهم أخريات للانخراط في هذا المسار. وأكدت رئيسة الجمعية التي تأسست سنة 2016 بعد سنوات من العمل الفردي، أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها وقع إيجابي على العمل التكافلي بين أفراد الجالية لاسيما في ظل تزايد أعداد الوافدين على مر السنوات وتشعب، تبعا لذلك، عدد الحالات التي تحتاج الى الدعم والمساندة. وأشارت في هذا الصدد، الى أن الجمعية التي تضم العديد من الاطر والكفاءات المغربية تعاقدت مع محامي مختص في مجال الهجرة وبرمجت أنشطة توجيهية وتأطيرية لفائدة الطلبة المغاربة الجدد فضلا عن توفقها في إيجاد حلول لبعض المشاكل المرتبطة بالسكن والشغل وتسوية الاوضاع القانوية. ولايقتصر عمل الجمعية الذي تؤكد السيدة الرسيمي أنه “ينطلق من وازع إنساني محض”، على الجالية المغربية بل يمتد أيضا الى جاليات أخرى وفئات هشة من المجتمع الأمريكي نفسه، مشيرة الى أن الجمعية دأبت على توفير وجبات غدائية خلال فصل الشتاء للأشخاص بدون مأوى، كما تتكفل بتوفير الدعم الغذائي ل53 تمليذا في مؤسستين تعليميتين بمنطقة فيرجينيا ينحدرون من أسر معوزة وذلك بترخيص من وزارة التعليم الامريكية. ويمتد عمل الجمعية، كذلك، تضيف الناشطة الرسيمي، الى البلد الأم الذي نسجت به علاقات تعاون مع عدد من الجمعيات أثمرت مشاريع مفيدة للساكنة كان آخرها ترميم مدرسة بإحدى المناطق القروية بإقليم تزنيت. وعلى نفس المنوال، نسجت “الرابطة المغربية في هوستن” بولاية تكساس التي ترأسها السيدة بشرى بنيس إحدى قيدومات الجالية المغربية في هذه المنطقة، حيث عالجت العديدد من الحالات الاجتماعية لمهاجرات مغربيات اجتزن ظروفا صعبة وتجندت على مدى سنوات لتقديم خدمات متنوعة لأفراد الجالية المغربية والتنسيق مع مصالح القنصلية المغربية في نيويورك لتنظيم “قنصليات متنقلة” لفائدتهم تكفيهم عناء التنقل وتقرب الخدمات الادارية منهم. كما تعمل الجمعية، حسب السيدة بنيس، على توطيد الأواصر بين أفراد الجالية عبر إحياء حفلات ولقاءات لاسيما في المناسبات الدينية والوطنية، وجمع التبرعات والهبات لفائدة الجمعيات المغربية خاصة التي تهتم بالاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وأكدت الناشطة الجمعوية التي أمضت أزيد من ثلاثة عقود في الولايات المتحدة، الحاجة الماسة الى ترسيخ قيم التطوع والتضامن والإيثار لدى الاجيال الجديدة، مسجلة أن المجتمع الامريكي توفق الى حد كبير في تجذير هذه القيم في المجتمع عبر إدماجها في النظام التعليمي والتربوي. وخلصت الى القول إن العمل التضامني القائم على خدمة الآخر والتخفيف من معاناته “ليس ترفا”، بل هو مسؤولية تطوق عنق كل فرد من أفراد الجالية المغربية وبها يتحقق شرط اكتماله الانساني.

sefroupress
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا