
عادت الجزائر من زيارتها إلى إيطاليا بخيبة أمل مزدوجة، بعدما حاولت مجددا لعب ورقة الطاقة لشراء مواقف سياسية ضد وحدة المغرب الترابية. لكن المقايضة بين الغاز والبترول من جهة، ووهم بتر خريطة المغرب من جهة أخرى، سقطت في الماء، ولم تجد في روما من يساير هذا المنطق الابتزازي.
ورغم عروضها السخية في الطاقة، أخفقت الدبلوماسية الجزائرية في إقناع إيطاليا بتغيير موقفها المتوازن، الداعم للحل الأممي، والمشيد بجدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي. لقد أرادت الجزائر خريطة مجتزأة، لكنها رجعت بخريطة طريق معطلة، وملف دبلوماسي مثقل بالهزائم.والأدهى من ذلك، أن النظام الجزائري بات يناور في كل الاتجاهات حتى لو اقتضى الأمر مغازلة شركاء الغرب على حساب تحالفاته القديمة. وهو ما لن يمر مرور الكرام في موسكو، حيث تتابع روسيا تحركات الجزائر بعين الشك، خاصة بعد تقاربها المتزايد مع أوروبا في ملفات الغاز والأمن، في ظل الأزمة الأوكرانية المستعرة.
فالدب الروسي، الذي اعتاد على ولاء الجزائر في مجلس الأمن وفي صفقات السلاح، لن يغفر بسهولة هذا الانحراف عن المحور الشرقي، خصوصا إذا ثبت أن الجزائر تبيع مواقفها للإيطاليين وغيرهم، مقابل وعود زائفة بإعادة رسم خرائط المنطقة.
هكذا، لم تجنِ الجزائر من مغامرتها الإيطالية سوى العزلة الدبلوماسية، وتضييق هامش المناورة، وخسارة محتملة في التوازن مع حليفها الروسي. أما المغرب، فقد كسب مرة أخرى معركة العقل والحكمة، مستندا إلى شرعية دولية ودبلوماسية واقعية لا تبيع ولا تشتري.