يبدو أن جبهة البوليساريو الانفصالية تعيش فترة من التحولات في تعاملها مع البرلمان الأوروبي، بعد قرار عدم تجديد “مجموعة الصحراء الغربية” التي كانت تُعتبر أداة دائمة للجبهة في البرلمان منذ عقدين. هذا القرار جاء في إطار سعي البرلمان إلى تنظيم العلاقات مع الجهات الخارجية وفق قواعد شفافة، تُلزم البوليساريو باعتماد أساليب اللوبيات المعتادة مثل تسجيل الزيارات واللقاءات، بدلاً من العمل في إطار غير رسمي يحمل طابعًا سياسيًا بحتًا.
على الرغم من فقدان الدعم الرسمي من خلال المجموعة المذكورة، لا تزال البوليساريو تحتفظ بحلفاء سياسيين داخل البرلمان الأوروبي. أبرزهم أحزاب اليسار والخضر، إلى جانب بعض الشخصيات المستقلة من المجموعات الاشتراكية والديمقراطية. كما تستفيد الجبهة من التركيز على لجان مختارة مثل “التجارة الدولية”، “حقوق الإنسان”، “الزراعة”، و”الصيد البحري”.
إحدى أبرز الشخصيات التي تدعم البوليساريو هي بيرند لانج، رئيس لجنة التجارة الدولية (INTA) وعضو منذ ثلاثين عامًا في البرلمان الأوروبي. إلى جانبه، هناك مانون أوبري، نائبة رئيسة اللجنة ومن أبرز قيادات اليسار المتطرف، وكاثلين فان بريمبت، نائبة سابقة لرئيس لجنة الشؤون المغاربية.
مع تغير ديناميكيات الدعم داخل البرلمان، بدأت جهود البوليساريو تأخذ طابعًا مختلفًا. في ديسمبر 2024، دعا البرلمان ممثلين عن الجبهة إلى لقاء مغلق لمناقشة تطبيق الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في الصحراء المغربية. هذا اللقاء يعكس تحولًا نحو مناقشات أكثر انفتاحًا، حيث يتم تسجيل مواعيد الاجتماعات وموضوعاتها، مما يحد من الطابع السري الذي كان يميز عمل المجموعة السابقة.
في الوقت نفسه، تبرز مواقف متزايدة داخل البرلمان لدعم مغربية الصحراء. فرنسا، من خلال ممثليها في مجموعات “رينيو” و”وطنيون من أجل أوروبا”، لعبت دورًا مهمًا في تعزيز هذا الدعم، حيث طالب بعض النواب الفرنسيين بتنظيم لقاءات مماثلة مع المغرب لمناقشة نفس القضايا.
بينما تواصل جبهة البوليساريو تحركاتها، تواجه المفوضية الأوروبية تحديات في التوفيق بين قرارات محكمة العدل الأوروبية، التي اتخذت مواقف متحيزة ضد الاتفاقيات مع المغرب، ومتطلبات تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الرباط.
