رغم لجوء الحكومة إلى استيراد اللحوم الحمراء بهدف كبح ارتفاع الأسعار، لا تزال هذه الأخيرة تحافظ على مستوياتها القياسية في فاس، حيث تتراوح بين 100 و150 درهمًا للكيلوغرام، وهو ما أدى إلى عزوف المستهلكين عن اقتناء اللحوم، مسجلاً تراجعًا في الطلب بنسبة 70%، وفقًا لما أكده مهنيون تحدثوا إلى الجريدة.
استمرار الأزمة رغم الاستيراد
رغم الإجراءات الحكومية الهادفة إلى تعزيز العرض عبر فتح باب الاستيراد، يرى مهنيو القطاع أن هذه الخطوة لم تحقق الهدف المنشود، إذ لم ينعكس ذلك على الأسعار. ويرجعون ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها عدم وجود آليات تنظيمية واضحة لاستقبال اللحوم المستوردة وتخزينها بالشكل المطلوب، مما يحد من تأثيرها على السوق.
ويؤكد المهنيون أن اللحوم المستوردة لا تزال تُباع بنفس أسعار اللحوم المحلية تقريبًا، ما يعزز شكوكهم حول احتكار عمليات الاستيراد من قبل عدد محدود من الفاعلين الاقتصاديين.
ضعف القدرة الشرائية وانخفاض الطلب
يؤكد هشام، جزار بسوق بنسودة بفاس، أن الطلب على اللحوم الحمراء شهد تراجعًا كبيرًا، حيث انخفض بنسبة 70% بسبب استمرار ارتفاع الأسعار على مدى أكثر من عام ونصف. وأضاف:
“أصبح هذا المنتج بعيد المنال بالنسبة لعدد كبير من المواطنين. الحكومة مطالبة بالتدخل العاجل لكسر هذا الغلاء، من خلال فتح المجال أمام مستوردين جدد، وإلغاء القيود التي تعرقل دخول منافسين جدد، إضافة إلى تعزيز الرقابة على السوق.”
عز الدين، جزار آخر، شدد بدوره على أن الاستيراد ليس حلاً جذريًا، بل مجرد إجراء مؤقت لم يعالج أصل المشكلة. واقترح، بدل ذلك، دعم المنتجين المحليين واستعادة مستويات الإنتاج السابقة لضمان استقرار السوق.
ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة أسعار الأعلاف
تعزى استدامة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى عدة أسباب، أهمها:
الجفاف الذي أثر بشكل كبير على الماشية، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بأكثر من 30% خلال العامين الماضيين، وفقًا لوزارة الفلاحة.
الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف، التي زادت بنسبة 50 إلى 70% في السوق المحلية، مما دفع العديد من المربين إلى تقليص قطعانهم أو التخلي عن النشاط كليًا.
مخاوف من استمرار الأزمة مع اقتراب رمضان
مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد ارتفاعًا في معدلات الاستهلاك، يتزايد قلق الأسر المغربية بشأن استمرار الغلاء، حيث يعد اللحوم الحمراء عنصرًا أساسيًا في الموائد الرمضانية.
في هذا السياق، يطالب المستهلكون الحكومة بـ إجراءات أكثر فاعلية لضمان توفير اللحوم بأسعار معقولة، خاصة خلال الشهر الفضيل، تفاديًا لمزيد من الضغوط على قدرتهم الشرائية التي تآكلت بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة.
