إحالة ميلوني ووزيرين إيطاليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية في غزة

في تطور لافت في مسار النقاش حول مسؤولية الدول الأوروبية في النزاعات، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنها ووزيري الدفاع والخارجية أُدرجت أسماؤهم في شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية في غزة.
الشكوى، التي تقدم بها عدد من الأكاديميين والمحامين والمنظمات الحقوقية، تتهم الحكومة الإيطالية بالمشاركة غير المباشرة في الجرائم الإسرائيلية عبر تزويد تل أبيب بالأسلحة أو بتقديم دعم سياسي وعسكري يُعتبر مساهمة في استمرار العدوان على المدنيين الفلسطينيين.
ميلوني عبّرت عن “اندهاشها” من هذه الاتهامات، مؤكدة أن بلادها لم ترخّص لأي شحنات سلاح جديدة لإسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، في حين يرى أصحاب الشكوى أن الدعم الإيطالي يتجاوز الجانب العسكري ليشمل تغطية سياسية ضمن المواقف الأوروبية المنحازة لإسرائيل.
القضية تفتح مجددا باب النقاش حول مدى التزام الدول الأوروبية بالقانون الدولي الإنساني، خصوصا وأن اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية تنص على مبدأ “عدم المساعدة أو المشاركة في الجرائم ضد الإنسانية”، بما في ذلك التمويل أو التسليح أو تقديم الغطاء السياسي.
ويرى مراقبون أن الإحالة، حتى وإن لم تفض إلى محاكمة فورية، تمثل خطوة رمزية في اتجاه مساءلة الحكومات الغربية التي واصلت تزويد إسرائيل بالأسلحة رغم التحذيرات الأممية المتكررة من احتمال ارتكاب جرائم إبادة وتهجير قسري في غزة.
الخطوة الإيطالية ليست معزولة، إذ تواجه حكومات أوروبية أخرى، مثل بريطانيا وألمانيا، ضغوطا مماثلة من منظمات حقوقية تطالب بوقف تصدير السلاح لإسرائيل وفتح تحقيقات في مسؤوليتها عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين.
ويعتقد خبراء القانون الدولي أن هذه الملفات، حتى وإن لم تُحسم قضائيا في المدى القريب، فإنها تؤسس لمرحلة جديدة من المحاسبة الدولية، حيث لم يعد بالإمكان الفصل بين الدعم السياسي والعسكري وبين النتائج الميدانية التي تصيب الأبرياء في مناطق النزاع.
القضية، إذن، تتجاوز حدود روما، لتضع مجمل الموقف الأوروبي أمام اختبار أخلاقي وقانوني حقيقي: هل يمكن الدفاع عن حقوق الإنسان في الخطاب، ومواصلة تسليح من يُتَّهم بارتكاب الإبادة في الواقع؟