المدرسة فضاء للتعلم لا سوق للبيع

ما تزال بعض الممارسات المرتبطة ببداية الموسم الدراسي تثير الكثير من الجدل، وعلى رأسها ما يتعلق ببيع الكتب واللوازم المدرسية داخل المؤسسات التعليمية، أو فرض اقتنائها من مكتبات محددة دون غيرها، في خرق واضح لمبدأ الحياد الذي يفترض أن تلتزم به المدرسة العمومية.
في عدد من المناطق، يشتكي أولياء الأمور من ضغوط غير مباشرة تُمارس عليهم من طرف إدارات أو جمعيات داخل المؤسسات، تُلزمهم باقتناء الكتب من مكتبة بعينها، تحت مبررات مختلفة، أحيانا بدعوى “التنسيق”، وأحيانا أخرى بدعوى “توحد المراجع”، بينما الحقيقة أن الأمر يفتح الباب أمام شبهات الاستغلال وتكريس منطق الريع داخل فضاء يفترض أن يكون تربويا صرفا.
بيع الكتب داخل المدارس أو توجيه الأسر نحو مزودين معينين يضرب في العمق حرية الاختيار، ويثقل كاهل الأسر ماديا، ويطرح علامات استفهام حول الشفافية والعدالة، خاصة أن بعض العروض خارج هذه القنوات قد تكون أرخص وأيسر.
المؤسسة التعليمية ليست سوقا ولا فضاء لتمرير الصفقات، بل هي فضاء تربوي يفترض أن يكرس القيم والمبادئ والمساواة بين التلاميذ، دون تمييز على أساس القدرة الشرائية أو الجهة التي اقتنى منها التلميذ كتبه.
ما تحتاجه الأسر هو لوائح واضحة، وكتب محددة، وتوجيهات شفافة، وليس تعليمات شفهية أو ضغوط غير مكتوبة تجعل من الحق في التعلم مدخلا للتكليف والإجبار.
إن المطلوب اليوم هو موقف صارم يضع حدا لهذه الفوضى الموسمية، ويعيد الاعتبار لدور المدرسة في التربية لا الوساطة التجارية.




