رفع رسم الاستيراد على الاختبارات السريعة: ضغوط لوبيات أم مصالح المواطنين؟

تسعى فرق الأغلبية بمجلس النواب إلى إدراج تعديل في مشروع قانون المالية لسنة 2026 يقضي برفع رسم الاستيراد على “الاختبارات السريعة للتشخيص المخبري” إلى 17.5 في المائة، بعد أن كان يتراوح بين 2.5 و10 في المائة في النص الأصلي للمشروع. هذا التعديل أثار جدلا واسعا بين الفاعلين الصحيين والمهتمين بالشأن العمومي، حيث يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراءه والآثار المحتملة على الرعاية الصحية للمواطنين.
المؤشرات الأولية تشير إلى أن هذا القرار لا يندرج فقط في سياق زيادة الإيرادات العمومية أو تشجيع الصناعة الوطنية، بل يعكس ضغوط لوبيات تجارية تسعى لحماية مصالحها في سوق الاختبارات السريعة، التي شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الطلب المتزايد، خصوصا في فترات الأزمات الصحية. هذه اللوبيات تستغل مشروع قانون المالية لتعديل الرسوم الجمركية بما يخدم مصالحها التجارية، على حساب المصلحة العامة.
النتيجة المباشرة لهذا التعديل ستكون زيادة تكلفة الاستيراد، ما سينعكس تلقائيا على أسعار الاختبارات السريعة في السوق المحلي. ومع اعتماد قطاع الصحة بشكل كبير على هذه الاختبارات للكشف المبكر عن الأمراض المعدية، فإن أي ارتفاع في الأسعار سيؤثر على قدرة المواطنين على الوصول إلى هذه الخدمات الحيوية، خصوصا الفئات الهشة والمواطنين في المناطق النائية. هذا التحرك يعيد طرح نقاش حيوي حول توازن السياسات المالية مع حق المواطنين في الرعاية الصحية، ويضع المسؤولين أمام مسؤولية ضمان أن القرارات الاقتصادية لا تتحول إلى عقبة أمام الصحة العامة.
إن اعتماد مثل هذه التعديلات تحت ضغوط لوبيات محددة يبرز الحاجة إلى شفافية أكبر في صناعة السياسات العامة، ومراجعة تأثيراتها الاجتماعية قبل الإقدام على رفع الرسوم، خصوصا في قطاع يمس صحة الإنسان مباشرة. بينما تسعى الدولة لتعزيز مواردها المالية، يجب ألا يكون المواطن هو الضحية المباشرة لهذه السياسات، خصوصا في زمن تتزايد فيه الاحتياجات الصحية والأوبئة المحتملة.
في النهاية، يظل السؤال قائما: هل ستستمر اللوبيات في فرض أجندتها على حساب المصلحة العامة، أم ستتدخل الدولة لتوازن بين حماية الاقتصاد الوطني وضمان حق المواطنين في خدمات صحية بأسعار مقبولة؟




