المغرب

حنكة محمد السادس بين صون الإرث الديني ومجابهة التحولات الاقتصادية العالمية

يجسد النموذج المغربي بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس مثالا فريدا في التوازن بين الحفاظ على الموروث الديني العريق والانخراط الذكي في التحولات الاقتصادية العالمية. فقد نجح المغرب، تحت قيادة جلالته، في إبراز مقوماته الحضارية والدينية العميقة باعتبارها دعائم ثابتة للهوية المغربية، دون أن تشكل عائقا أمام انفتاحه على التحديث والتقدم في مختلف المجالات الاستراتيجية.

وقد أثنى عدد من الشخصيات الدولية على هذا التميز المغربي، من بينهم السيناتور البرازيلي هيران غونسالفيس، الذي وصف النموذج المغربي بـ”مثال في البراغماتية والاستقرار ورؤية المستقبل”، مبرزا قدرة المملكة على الحفاظ على توازنها الثقافي والديني في خضم التحولات الاقتصادية العميقة. هذا التوازن لم يكن عشوائيا، بل نتيجة رؤية ملكية استراتيجية تجمع بين ترسيخ القيم الروحية والانخراط في منظومة تنموية حديثة وشاملة.

ومن أبرز مظاهر هذه الرؤية الملكية، إصرار المغرب على الاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيات الحديثة، وتحويل موقعه الجغرافي إلى رافعة اقتصادية تربط بين أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفي هذا السياق، أصبح المغرب اليوم مرجعا عالميا في الطاقة الشمسية والريحية، بفضل مشاريع رائدة مثل “نور ورزازات”، مما يبرهن على وعي ملكي متقدم بأهمية الأمن الطاقي والتحول البيئي في خريطة الاقتصاد العالمي.

ولا يمكن الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية دون التوقف عند المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك سنة 2005، كأحد أرقى النماذج الاجتماعية التي تمزج بين العدالة المجالية والإدماج الاجتماعي ومحاربة الفقر. هذا البرنامج، الذي اعتبره السيناتور البرازيلي نموذجا يُحتذى، يُبرز كيف تُدار السياسة التنموية في المغرب من منطلقات إنسانية ورؤية تنموية شمولية.

كما أن المقاربة المغربية لقضية الصحراء، التي تقترن بمخطط الحكم الذاتي، تشكل بدورها تجليا لحنكة محمد السادس في تدبير الملفات السيادية بروح واقعية واستباقية، تنسجم مع المعايير الدولية وتخدم استقرار المنطقة.

إن الحنكة السياسية لجلالة الملك محمد السادس تتجلى في قدرته على المواءمة بين الهوية الدينية المتجذرة، التي يشكل فيها أمير المؤمنين رمزا للوحدة الروحية، وبين تحديث المنظومة الاقتصادية وتوسيع النفوذ الاستثماري للمغرب إقليميا ودوليا. وهو ما جعل المملكة تحظى باحترام متزايد على الساحة الدولية، وتُصنف كفاعل استراتيجي موثوق في قضايا الطاقة، والأمن، والهجرة، والتنمية المستدامة.

بهذا النهج المتوازن، يواصل المغرب رسم ملامح نموذج تنموي متفرد، يزاوج بين الوفاء للإرث الحضاري والاستعداد لمستقبل اقتصادي أكثر شمولية واستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى