
في ظل الأزمة المائية التي يشهدها المغرب وعدد من الدول منذ سنوات، نتيجة التغيرات المناخية والتحولات البيئية المتسارعة، أعلنت كلية الشريعة والقانون بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس عن فتح باب الولوج إلى أول ماستر من نوعه يحمل عنوان “الماء والبيئة في التراث الفقهي والنظم القانونية المعاصرة”، وهو ماستر يجسد رؤية علمية متفردة تجمع بين الأصالة الفقهية والتحديث القانوني في معالجة القضايا البيئية المعاصرة.
هذا التكوين المبتكر، الذي يشرف على تنسيقه الدكتور مصطفى بنجبور، يهدف إلى دراسة الإشكالات البيئية الكبرى، وفي مقدمتها قضايا الماء، من خلال مقاربة مزدوجة تستحضر القيم الشرعية المستمدة من التراث الفقهي الإسلامي، إلى جانب المقتضيات القانونية الحديثة الوطنية والدولية. ويعكس هذا التوجه وعي الجامعة بأهمية الإسهام العلمي في قضايا التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية.
يتميز الماستر بكونه يدمج بين العلوم الشرعية والفقهية من جهة، ومختلف فروع القانون العام والخاص والدولي والسياسات العمومية من جهة أخرى، ما يتيح للطلبة تكوينًا معرفيًا متوازنًا يمكّنهم من الإسهام في صياغة سياسات بيئية عادلة وفعالة. كما يهدف إلى تخريج باحثين أكفاء قادرين على الجمع بين الحس الأخلاقي المستمد من مقاصد الشريعة والرؤية القانونية الحديثة التي تواكب التحولات الوطنية والعالمية في مجال البيئة.
وتكمن أهمية هذا المسلك في فتحه لآفاق بحثية جديدة تربط الماضي بالحاضر، من خلال دراسة النصوص الفقهية التي عالجت قضايا الماء والبيئة منذ قرون، ومقارنتها بالتشريعات البيئية المعاصرة، في تفاعل علمي ومعرفي يعيد الاعتبار للموروث الإسلامي في صياغة تصور شامل لحماية البيئة. كما يسعى إلى إحياء البعد القيمي والإنساني في التعامل مع الموارد الطبيعية باعتبارها أمانة ومسؤولية مشتركة.
إن ماستر “الماء والبيئة في التراث الفقهي والنظم القانونية المعاصرة” بكلية الشريعة والقانون بجامعة سيدي محمد بن عبدالله، لا يمثل مجرد مسلك أكاديمي جديد، بل هو مشروع حضاري يربط الجامعة بقضايا المجتمع، ويؤكد أن الحلول الناجعة للمشكلات البيئية لا يمكن أن تكون تقنية فقط، بل تحتاج إلى تأصيل فقهي وفكري عميق يعيد للإنسان وعيه بدوره في تحقيق التوازن بين التنمية والطبيعة، بين التقدم المادي والقيم الروحية.
ويفتح هذا الماستر، ابتداء من الموسم الجامعي 2025/2026، في وجه الطلبة الحاصلين على الإجازة في الشريعة أو العلوم القانونية…، ضمن رؤية أكاديمية واعدة تؤسس لجيل جديد من الباحثين في الفقه البيئي والقانون المستدام.




