مأساة الهرهورة.. حين يتحول استغلال العمل إلى مأساة إنسانية تهز الرأي العام

في مشهد يعيد إلى الواجهة قضايا الاستغلال والعنف النفسي والاجتماعي الذي تتعرض له بعض الفتيات العاملات، اهتزت منطقة سيدي العابد بجماعة الهرهورة ضواحي الرباط على وقع فاجعة مروعة بعد العثور على جثة شابة تبلغ من العمر 18 سنة مشنوقة داخل أحد المنازل في ظروف غامضة. الحادث الذي وقع صباح الجمعة المنصرم خلف صدمة كبيرة لدى سكان المنطقة، وأثار موجة من الحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
التحقيقات الأولية التي باشرتها عناصر الدرك الملكي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، تسعى إلى فك خيوط هذه القضية المعقدة، التي تجمع بين العنف والاستغلال والضغوط الاجتماعية، في وقت كشف فيه والد الضحية عن معطيات صادمة حول علاقة ابنته بمشغلها، متهما إياه باستغلالها والتسبب في معاناتها النفسية التي انتهت بهذه النهاية المأساوية.
الوالد أكد في تصريحاته أن ابنته كانت ضحية علاقة غير شرعية مع صاحب المصنع الذي تعمل فيه، بعد أن أغراها بوعود الزواج، قبل أن يتحول الأمر إلى علاقة استغلال قاسية، تخللتها تهديدات وعنف متكرر. وأوضح أن ابنته كانت تعيش في دوامة من الخوف واليأس، حيث كانت تتعرض للإهانة والاعتداء كلما حاولت التمرد على وضعها أو المطالبة بحقها في الاحترام.
ما يزيد من مأساوية القصة هو ما عرضه الأب من مقاطع فيديو قال إنها توثق لحظات اعتداء مشغل ابنته عليها، ما يعزز فرضية الضغط النفسي الذي تعرضت له الشابة، والذي ربما دفعها إلى اتخاذ قرار مأساوي بإنهاء حياتها، أو ربما كانت ضحية جريمة تحتاج إلى كشف حقيقتها عبر التحقيق القضائي.
هذه الواقعة المروعة تفتح الباب مجددا للنقاش حول هشاشة وضعية العاملات الشابات، خاصة اللواتي يجدن أنفسهن في مواجهة قاسية مع مشغّلين لا يعترفون بحقوقهن ولا يراعون إنسانيتهن. فبين الحاجة الاقتصادية وضعف الحماية القانونية، تظل الكثير من الفتيات عرضة للاستغلال المادي والعاطفي داخل فضاءات العمل.
إن مأساة الهرهورة ليست حالة معزولة، بل مرآة تعكس معاناة فئة من الشباب، خصوصا الفتيات القادمات من ظروف اجتماعية صعبة، اللواتي يبحثن عن فرصة عمل تحفظ كرامتهن، ليجدن أنفسهن في براثن علاقات استغلالية تنتهي في كثير من الأحيان بمآسٍ مؤلمة.
التحقيقات لا تزال جارية لتحديد أسباب الوفاة، لكن الرسالة الأعمق في هذه الحادثة هي الحاجة إلى تعزيز الوعي الاجتماعي والرقابة القانونية على بيئات العمل، وتوفير الدعم النفسي للفتيات العاملات، حتى لا يتحول الألم الصامت إلى مأساة جديدة تهز الوطن.



