العالم

العلم سبب المآسي الانسانية العالمية بمؤشر الحروب.

playstore

عملا بمنطق تعامل الانسان مع التراب الذي اوجده فجأة فصار يدعي تملكه والتصرف فيه والقدرة على اخضاعه لخدمة مصلحته، و متناسيا قدرة الطبيعة وقوتها عليه، يبدو انه اقتبس نفس المنطق في التعامل مع الزمن الذي اوجده فجأة أيضا، فاسقط منهجية التخلص من انتاج التراب كالاشجار المعمرة بقطعها وإزالتها دون رحمة، وتدمير الغابة بأكملها احيانا دون وعي، اعتدي ايضا على منتوج الزمن كالحضارات القديمة والاكثر صمودا، واحيانا تم القضاء على آثار وهوية شعوب و أمم بأكملها، والغاية هي التخلص من جذور التاريخ وقطع صلتها بالتراب، فاذا كان اقتلاع الاشجار يتم طمعا في استغلال مكانها الذي كان يغديها واستخدامه لغايات او استبدالها بغرس غابات اخرى، فان القضاء على شعب أو أمة هو لأجل نهب ترابها واستغلال مكانها وزمانها لفائدة شعب آخر او أمة اخرى، فهناك من سمى العملية بحرب الحضارات كصامويل هنتنجتون وهناك من ربط العملية بقطع جذور الزمن وإنهاء التنوع البشري لفائدة جذر غير تاريخي واحد مثل فوكوياما، وهناك من رآى في الصراع انه وجودي و سنة كونية تحتكم لمنطق التخلص بالقوة من الزمن والتراب وعلى حساب الانسانية ضمانا للانفراد بالسيطرة والتصرف فيهما طبقا لمبدأ وحدة صراع الاضداد والانتقال كيفيا عملا بالمساواة المطلقة مثل كارل ماركس، و الممارسات تبين ان وسائل البحث بالقوة عنهما هي التي تبرر كثرة الحروب و تدفع الى اقتلاع جذور التاريخ كما تقتلع جذور الاشجار التي تتغذى من التربة و يستغل التراب والاشجار لغايات مختلفة. هكذا تصنع الذرائع التي تقف من وراء كل عمليات التغيير والصراع البشري حول الزمن والتراب.فالحياة البشرية الأولى وإن كانت قد تميزت باكتشاف الزراعة وقامت عليها الإمبراطوريات الزراعية الكبيرة التي وجدت حول البحر الأبيض المتوسط وشملت مصر، اليونان، الرومان،… الا انها عرفت حروبا في إطار نظام يعتمد على القوة البدنية للمحاربين و حكمها الأباطرة والأكاسرة والفراعنة باستخدام القوة التي ميزت المرحلة.أما الطور الثاني من العمر البشري فقد تميز ايضا بالاستبداد والطغيان، و الذي أوجد السند في أديان التوحيد، و بدأ مع أبناء النبي إبراهيم حتى آخر الأنبياء محمد ، حيث تصارع اتباع الرسائل السماوية لأقامة النظام العالمي على اساس ان يد الله هي المتدخلة في ذلك وارتبطت الحروب بالقيام بما يرضي الاله . فولدت وأنشأت أمما و دولاً، وخاضت في صرا عات مريرة ، بل وأنشأت إمبراطوريات بسطت النظام العالمي الثاني على أساس ديني وعقدي.أما المرحلة الثالثة فشجعت على الحركة التجارية، وسمحت بالاكتشافات العلمية و الجغرافية، بحيث تم اكتشاف القارات و تطورت الكتابة، و ظهرت فيها المطبعة، والخرائط، والبوصلة … بينما المرحلة الرابعة من التطور فتميزت بالثورات السياسية ، وظهرت فيها مستعمرات أمريكا الجنوبية، وبدأ عصر الثورات الإنسانية وتعالت مطالب الاستقلال في أمريكا وقامت الثورة الفرنسية الكبرى وانتهت بقدوم نابليون وتفكيك الإمبراطوريات الأوربية القديمة و الامبراطوريات الشرقية ايضا…في حين تميزت المرحلة الخامسة بوجود نظام عالمي قام على الإمبراطوريات الصناعية الكبرى التي انتقلت من استخدام البخار الى اكتشاف واستخدام طاقة الكهرباء ثم الطاقة النووية فيما بعد …و معه ظهرت الرأسمالية والليبرالية والماركسية التي تصارعت فيما بينها كإديولجيات، وأدت الى الاحتكار والمنافسة، وحسم التفوق لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بالرغم من حصوله على القنبلة النووية، حيث استعملت أمريكا البترول كطاقة بعد البخار وبعده الكهرباء، ووسائل الاتصال الحديثة .. فتزعمت بذلك العالم متفوقة على أوروبا ووظفت البحث العلمي و التكنولوجيات و قدمت نموذجا للنظام العالمي تطبعه الأمركة. أما اليوم فاننا امام نظام عالمي انتقالي مشوب بالتناقضات وصراع الثقافات، وهو نظام في طور التكوين … ويؤشر على نوع جديد من الهيمنة التي تستغل معايير التطور بثقله العلمي الذي لا يزال غير واضح المعالم، بدءًا بالطاقة البديلة كاساس محدد للصراع فيه. وهو في مرحلة اختبار التحكم في العالم لمرحلة ما بعد مرحلة البترول والغاز و الدخول في مرحلة الانتاج الفلاحي الاصطناعي وتطوير أنظمة الانتاج البيوتكنولوجي لمواجهة و تحديد الازمات و الاحتياجات البشرية الافتراضية واقتسام الاسواق التجارية ومواد الاستهلاك بين الشرق الأقصى كاليابان ، الصين، و روسيا وبين امريكا و بريطانيا والمانيا .. اضافة الى دول صاعدة .فالعالم سيمر بصدمات قوية عن طريق الحروب الذكية و المتطورة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية واستهداف الموارد الاكثر قيمة ومنها الماء، وسيتم تحديد تحالفات دولية جديدة واحداث تغيير جذري للنظام العالمي الجديد ودخول عهد ما بعد الثورة الصناعية والتكنولوجية بمعيار تصنيع النانو العسكري والتحكم العلمي الرقمي و استخدام الروبوتات دون الحاجة الى الاعتماد على العنصر البشري. بل ان الصدمات ستنتهي معها القيم الانسانية والاجتماعية الكونية مقابل تكريس نظام التفاهة الذي اشار اليه الفيلسوف الكندي الان دونو ، وسيتعامل الغرب مع التخوفات القادمة من النمو الديمغرافي و الدين والتطور العلمي بحذر شديد، وسيبقى في حالة تأهب دائم، دفاعا عن النفس بافتعال الحروب، واختلاق الأزمات، وبث الخوف، و دس في مجتمعاته فكرة يدعي من خلالها أنه في حالة حرب مفتوحة مع المجهول، وأنه معرض للخطر من الآخر، ومن ثم فإن الحروب التي تجرى بين روسيا والغرب في اوكرانيا، وكذلك لحروب المقبلة هي حروب ستدور حول الطاقات و الثقافات والحضارات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وهي حرب الهويات و انهاء الاختلاف والتعدد والتنوع البشري والهيمنة العديمة الاخلاق.الدكتور احمد درداري استاذ التعليم العالي بجامعة عبد الملك السعدي. رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات .

sefroupress
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا