لم تكن مباراة افتتاح كأس العالم للأندية بين مانشستر سيتي الإنجليزي والوداد الرياضي المغربي مجرد حدث رياضي عالمي، بل تحولت لثوانٍ إلى منصة احتجاج سياسي غير بريء، بعد أن اقتحم ناشط أمريكي أرضية الملعب وهو يحمل لافتة تستهدف المغرب، وتحديداً سياساته المتعلقة بالحيوانات الضالة.
الناشط، الذي ينتمي لحركة تدّعي الدفاع عن حقوق الحيوانات، رفع شعارًا يقول: “Morocco: Stop shooting dogs and cats”، في مشهد بدا أنه أُعدّ مسبقًا لاستغلال منصة دولية كروية للإساءة إلى صورة المغرب. اللافتة، التي حملت طابعًا هجوميًا، أثارت موجة استغراب وتساؤلات حول الخلفيات الحقيقية لمثل هذه الأفعال، خصوصًا وأن المملكة المغربية اتخذت خلال السنوات الأخيرة خطوات عملية لتدبير ملف الكلاب والقطط الضالة عبر برامج التعقيم والتلقيح، وذلك بشراكة مع جمعيات محلية ومصالح بيطرية، بعيدًا عن الصور النمطية المضلّلة التي تسعى بعض الجهات إلى تسويقها دوليًا.
لكن المفارقة الصادمة، التي لم تغب عن المتابعين، هي أن هذا الاحتجاج جاء من مواطن أمريكي، في بلدٍ لطالما واجه انتقادات دولية واسعة بسبب سجله الثقيل في قضايا حقوق الإنسان، ليس فقط تجاه الحيوانات، بل تجاه الإنسان نفسه. فأمريكا، الدولة التي ينتمي إليها الناشط، تورطت في حروب مدمرة أزهقت أرواح الملايين في العراق، وأفغانستان، وسوريا، واليمن، دون محاسبة. كما تملك القوات الأمريكية سجلاً حافلاً بالعمليات العسكرية التي استهدفت مدنيين، بما في ذلك أطفال ونساء، بذرائع متعددة تارة باسم “محاربة الإرهاب” وتارة باسم “الأمن القومي”.
وفي الداخل الأمريكي، لا تزال قضايا العنف الشرطي، والتمييز العنصري، والاعتقالات الجماعية في أحياء السود واللاتينيين، تثير سخطاً واسعاً، في ظل تقاعس حكومي عن إحداث أي إصلاحات جوهرية. أما ملف حقوق الحيوان في الولايات المتحدة، فهو بدوره لا يخلو من فضائح وانتهاكات، حيث يتم سنوياً التخلص من مئات آلاف الكلاب والقطط في مراكز الإيواء بطرق لا تخلو من القسوة.
إن استخدام الرياضة كسلاح ضغط سياسي لم يعد مقبولاً، خصوصاً حين تصدر الاتهامات من جهات تفتقر إلى أي رصيد أخلاقي أو إنساني يسمح لها بمنح دروس للآخرين. فالمغرب بلدٌ يبذل جهوداً ملموسة في مختلف المجالات، ويواصل بناء منظومة تعكس احترامه للبيئة والحياة الحيوانية، بعيداً عن لغة الشعبوية والتحريض التي اختارها هذا المحتج.
إن الدفاع عن القضايا النبيلة لا يجب أن يتم من خلال التشهير والاستعراض أمام الكاميرات، بل عبر العمل الميداني، والترافع العقلاني، والاحترام المتبادل. ومن كان بيته من زجاج، فلا يرمي الناس بالحجارة.