Site icon جريدة صفرو بريس

من هم الرابحون والخاسرون في توديع رمضان؟!

من هم الرابحون والخاسرون في توديع رمضان؟!

من هم الرابحون والخاسرون في توديع رمضان؟!

بقلم الفقيه المقرئ الشيخ عبد اللطيف بوعلام الصفريوي.
هذا المقال كان من حقه أن يُكتب في استهلال هذا الشهر الفضيل لكنني آليت أن أخُطّه في نهايته لأومئ من طرف خفي للفائزين المحققين للتقوى، والراسبين المتخذين لإله الهوى الذي لم يطرأ عليهم أي تغيير يُذكر لالتماس العذر نجاة لهم من قبضة نَزَّاعة الشوى…
فمِمّا لا شك فيه أننانعيش بالفِعل اللحظات الأخيرة لإعلان انصرام الشهر الفضيل الذي أنزل فيه القرآن الكريم،وبالضبط في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والتي تتنزل فيها الملائكة بالرحمات، وبكثرة لا تُعَدّ كما قال رسول الله ﷺ:
‏ « إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ مِنْ عدَدِ الْحَصَى». مُطَمْئِنَة للمؤمنين بالمغفرة، وداعية لهم بالأجر والثواب شريطة امتثالهم لأمر الله بموازاة مع تأدية حقوق العباد…
لقد ورد في صحيح البخاري حديثا جامعا لقطف هذه الثمار، وهو ماثل في ما رواه أبو هريرة عن علَم الهدى صلى الله عليه وسلم في قوله: ” مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ “. الحديث تحت رقم (2014)، ومسلم (760).
والمرادُ أنَّ مَن وفَّقَه العلي القدير لصيامه تصديقًا بالآمر به عِلْما بوجوبه، خائفًا مِن عقابِ تركِه، محتسِبًا جزيلَ الأجرِ والثواب في صومِه، مُؤديا شروطه على الوجهِ المطلوبِ، فإنَّ المَرْجُوَّالمظنون اليقيني في الله أن يغفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنوبِه، والقصد ذنوبه السابقة.
ولا شك أن هذا المجتهد سيصادف ليلة القدر التي لها عظيم الأجر..
لكنَّ الإجماعَ قائمٌ ومنعقد على أن الحقوق الآدمية لا تسقُطُ إلَّا بالتَّحَلُّلِ منها برِضاهم، وهذه هي بحق العقبة الكأداء التي لا يقدر على تجاوزها إلا الصفوة الأتقياء، فكم من صائم تمر عليه أعوام مديدة من الصيام ويصعُب عليه رد المظالم إلى أهلها، وتبقى دار لقمان على حالها، فلا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا…
وتلاحظون أنه قد وقع الجزاءُ بصيغةِ الماضي (غُفِرَ) مع أنَّ المغفرةَ تكونُ حتما في المستقبَل؛ للإشعارِ بأنَّه متيقَّنُ الوقوعِ، مُتحقِّقُ الثُّبوتِ، فضلًا مِن اللهِ تعالى على عبادِه..
وبالرغم من هذا التحفيز الرباني، فستجد العديد منا لم يطرأ عليه أي تغيير إيجابي ولاسيما
وقد انصرمت عليه رمضانات بقدر السنوات، ولربما انتكس في الحضيض بحسب طبعه نسيانا أو إنكارا أو جحودا لم يستحضر النية الخالصة في العناية بعوامل التغيير واستصحابها في كل الأيام وبخاصة في رمضان؛ ليتحوّل التغيير فيه من تغيير وقتي وجزئي فيكون تغييرًا دائمًا.
ذلك أن الله – عز وجل- لم يَفرض الصوم بهدف اختبار عباده عن مدى صبرهم على الجوع والعطش؛ وإنما أراد منهم تحقيق مناط التقوى الجلية المصرح بها في قوله عز وجل بسورة البقرة:

Exit mobile version