Site icon جريدة صفرو بريس

سقوط حزب البيجيدي؟ صناديق أم صفقات؟

في خضم الجدل الذي ما يزال يطفو على سطح النقاش السياسي المغربي، تعود إلى الواجهة قضية نزاهة انتخابات 2021، خاصة بعد التصريحات المثيرة التي أطلقها أحد رموز “مافيا الانتخابات”، كما يوصف، ويتعلق الأمر برشيد الفايق، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، والذي اعترف من داخل السجن بأن الاستحقاقات الأخيرة شابها فساد فاضح، موجها اتهامات ثقيلة لحزبه وللتحالف الحكومي الذي يقوده عزيز أخنوش.

هذه التصريحات أعادت فتح النقاش حول ما إذا كان فشل حزب العدالة والتنمية، الذي مني بهزيمة غير مسبوقة في تلك الانتخابات، مرده إلى عوامل ذاتية تتعلق بأداء الحزب خلال فترة تدبيره الحكومي، أم أن هناك تدخلا موضوعيا وممنهجا أطاح بالحزب في صناديق الاقتراع.

فريق من المراقبين يرى أن حزب العدالة والتنمية دفع ثمن قرارات غير شعبية اتخذها في ولايته الثانية، من قبيل تحرير الأسعار وإصلاح صندوق المقاصة، وهي قرارات تحمل المواطن البسيط تبعاتها، رغم أنها كانت ضرورية لإصلاح بنية الاقتصاد. هذا الأداء، وفق هذا الرأي، تسبب في تآكل شعبية الحزب.

لكن فريقا آخر يعتبر أن حزب التجمع الوطني للأحرار هو من جنى ثمار هذه الإصلاحات لاحقا، واستثمرها سياسيا في حملته، بينما وجد حزب العدالة والتنمية نفسه يدفع الكلفة السياسية الكاملة للإصلاح.

ويضيف هذا الفريق أن فشل “البيجيدي” لا يمكن فصله عن مناخ انتخابي وصف بكونه غير متكافئ، حيث تكررت شكاوى جمعيات وهيئات حقوقية حول استعمال المال السياسي بشكل مفرط، وظهرت مؤشرات على وجود تدخلات غير شفافة، وهو ما أشار إليه كذلك بيان للفيدرالية المغربية لجمعيات حماية المستهلك، ملوحة بوجود تزوير ممنهج في النتائج، ردت عليه وزارة الداخلية برد اعتبر متجاهلا للحقائق ومخالفا لروح الدستور.

بل أكثر من ذلك، فإن تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المواطن اليوم، في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء الأسعار، وتكاثر ملفات نهب المال العام والفساد الإداري في فترة حكومة أخنوش، لم تكن بنفس الحدة في عهد العدالة والتنمية. هذا الواقع دفع شريحة من المتتبعين إلى اعتبار أن إفشال الحزب لم يكن وليد أخطائه فقط، بل أيضا نتيجة ديناميكية ممنهجة لإزاحته، ولو عبر أدوات انتخابية غير سليمة.

وفي سياق الاتهامات التي تحوم حول خلفيات هزيمة الحزب، فجر أحد المقربين من الناشطة مايسة سلامة الناجي مفاجأة من العيار الثقيل، حين اتهمها بتلقي مبلغ 75 مليون سنتيم من طرف عزيز أخنوش، مقابل مهاجمة عبد الإله بن كيران في حملات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي محاولة نفيها لهذا الادعاء، خرجت مايسة بتصريح لم يضعف الشكوك، حيث أكدت أن أخنوش فعلا عرض عليها مقعدا في البرلمان مقابل الاصطفاف إلى جانب حزبه، في إشارة صريحة إلى وجود صفقات سياسية وإعلامية كانت تنسج في الخفاء.

في ضوء هذه المعطيات المتداخلة، يطرح السؤال بحدة: هل أسقط المغاربة “البيجيدي” فعلا عبر صناديق الاقتراع؟ أم أن هناك من هندس العملية من خلف الكواليس، وسرق فوزه على طاولة الصفقات؟

Exit mobile version