Site icon جريدة صفرو بريس

مطلب في الحكامة المحلية للسيد رئيس الحكومة "صفقات الصحة باقليم بولمان نموذجا"

تزامنا مع الزيارة التي قامت بها لجنة وزارية للمركز الاستشفائي الإقليمي لبولمان بميسور والتي تعلقت بمسألة تدبير الصفقات منذ 2010، استوقفتني عدة أسئلة تتعلق بالحكامة المحلية انطلاقا من ثلاثة نماذج لصفقات لهذا المرفق الذي لحد الساعة استعصى على المسؤولين معرفة القن السري الذي يتحكم في برمجته ويحدد كيفية اشتغاله.

النموذج الأول: تجد، بين أسماء المقاولات المتعاملة مع المركز الاستشفائي اسما لمقاولة تستفيد من مشاريع ، يتقاطع مع اسم مدير سابق للمركز المذكور و يشغل مسؤولية ادارية جهوية في نفس القطاع.

النموذج الثاني: مقاول “محظوظ” جدا استقدمته المديرة السابقة للمركز الاستشفائي ذاته ليستفيد من صفقات بعد أن تم العمل بالموازاة على تعبيد الطريق له لشبيبة حزبها. كل شئ عاد الى حد الساعة، لكن غير العادي سيثير التساؤل عندما يتعلق الأمر بشخص أخوه رجل سلطة بالجماعة القروية التي تشغل فيها المديرة السابقة مهمة مستشارة جماعية؟؟؟؟؟؟

النموذج الثالث: اقدام المديرة الحالية للمركز الاستشفائي على “منح” صفقة تزويد الأدوية لصيدلاني تربطها به علاقة مصاهرة بعد أن كانت الصفقة بيد صيدلاني آخر.

التساؤل الذي يطرح، بعيدا عن البعد القانوني، لماذا اجتمعت أسماء محددة، وفي مكان أو مؤسسة محددة كذلك، وفي ظرفية زمنية محددة؟؟؟؟؟؟؟ وأين هي الحكامة المحلية من الإعراب في كل ما يقع؟ وماذا يستوجب الأمر فعله واتخاذ قرار بشأنه؟

ان الأمر يتحدد في مدخلين اثنين: مدخل أول يتعلق بتمثل الإنسان المغربي للسلطة. ومدخل ثان يرتبط بنظرة هذا الإنسان للمال العام.

  تتخذ السلطة دلالتين ، حسب تقديري المتواضع، قد تفهم بمعنى “POUVOIR” أي قدرة على فعل شئ دون أخذ الجانب القانوني والبعد الأخلاقي بعين الاعتبار. وقد تحضر بمعنى”  AUTORITE أي تدبير وتنظيم مرفق بما يتماشى والقوانين المنظمة دون انحياز أو تماطل. والعديد ممن يتحملون مسؤولية ادارية  يرتبط تمثلهم للسلطة الممنوحة بتلك المكانة الاجتماعية التي يحظون بها والتي بمقدورهم اكرام من أرادوا  دون أن تصلهم أيادي العدالة أو يقتص منهم القانون. وهذا مع كامل الأسف ما ترسخ لعقود في ذهنية الإنسان العادي عموما، والذي ولد فسادا  نخر أعمدة الإدارة المغربية وانعكس على قيم المجتمع ومثله في أبعادها المختلفة و المتعددة، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا….

 أما المدخل الثاني، فيشكل امتدادا عضويا للأول وينهل من زاد “الثقافة الشعبية”. فالمثل المغربي يقول” المال السايب كيعلم الشفارة”، ذلك أن أن نظرتنا الى المال العام أو الى ممتلكات الدولة عموما تنم عن قصور حاد في الفهم وصعوبة بالغة في الهضم. فقد نعتدي على طاولات داخل مدارس باسم أنها ممتلكات الدولة، وقد نستعمل سيارات الدولة في نقل كل شئ دون رحمة ولا شفقة لأنها من ممتلكات الدولة، وقد نعتدي على بناية مؤسسة رسمية أو يافطة معلقة عليها لأنها ملك للدولة……دون أن نفهم أن الأموال التي تشيد بها الدولة تلك البنايات أو تشتري بها تلك السيارات أو تجهز بها مؤسسات …هي أموال دافعي الضرائب وهي أموال الشعب بفاصح العبارة. لذلك ترسخ، ولعقود خلت، غياب المحاسبة والمراقبة فيما يرتبط بالمال العام والواقع يثبث ذلك. فلو كانت هناك قوانين ولو كانت هناك متابعة ومحاسبة لما كنا اليوم نرثي حالنا على ترتيبنا المتقدم في مجال الرشوة وفساد الإدارة.

لقد تم منع أصحاب الانتداب الحزبي من الجمع بين مسؤوليتين، ذلك أن الوزراء تخلوا وبحكم القانون عن تمثيليتهم في البرلمان. وقد منع الموظفون من الجمع بين وظيفتين. لكننا نرى أمام أعيننا “اجتهادا” للتحايل على القانون أو للقفز عليه خدمة لأغرض عملية وسياسوية ضيقة جدا. فمتى نسمع عن مرسوم يمنع أصحاب الانتداب الإداري من ممارسة السياسة؟

 

اذا كانت الحكامة المحلية تتطلب اشراك القطاع الخاص في تدبير بعض المرافق المحلية انطلاقا من عقد اتفاقيات التعاون والشراكة أو التدبير المفوض……الى جانب مساهمة المجتمع المدني بمبادرات تنموية وممارسات واقعية لصياغة وتنفيذ ومتابعة المشاريع التنموية بحكم موقعه واحتكاكه بالمجتمع و مشاكله، اضافة الى اشراك المواطن انطلاقا من وعيه بحقوقه وواجباته وما يجري حوله من أحداث ووقائع. فان ذلك لا ينبغي أن يكون مدخلا لممارسات تأخذ البعد الحزبي والعائلي ومنطق الصداقات والولاءات بعين الاعتبار بعيدا عن الشفافية القائمة على وحدة المعايير وبعيدا عن المحاسبة كأساس لحماية المال العام من كل تسيب يلحقه. 

Exit mobile version