جريدة صفرو بريس

مدينة صفرو وقطار التنمية.. إلى أين؟!

 

أمينة اوسعيد
حتى وإن طال غيابك عن مدينة صفرو لسنوات طوال وعدت إليها مشتاقا متلهفا. فستجدها نفس المدينة كتلك الزوجة التقليدية النمطية التي حصرت نفسها في رعاية الزوج وتفريخ الأبناء.. مدينة صفرو التي أصبح سكانها يشتاقون إلى صيغتها القديمة حيث كانت الأشجار الباسقات تزين ساحة باب المقام.. وخرير المياه يشنف أسماع المارين بين دروبها.. اليوم زحف الإسمنت إلى أغلب شوارعها واختزلت الخضرة في بضع أماكن معدودة تحسب على رؤوس الأصابع.. كذلك الأصلع الذي ترك له الزمان بضع شعرات يستأنس بهن ويطردن عنه لقب الأقرع.. المدينة ولله الحمد تزخر بفرشة مائية لا بأس بها تقاوم الجفاف وتتحدى صعوبة الطقس الذي تحول بالمدينة إلى جاف.. لكن للاسف لا تتوفر على مدار طرقي بنافورة تسر الزائرين وتفرح الناظرين.. المياه تتدفق في الشوارع عبر السواقي التي تربط واد أكاي بالحقول الملتفة بجنبات المدينة لكنها لم تستطع أن تلفت إليها أنظار المسؤولين حتى يستغلوا هذا النعمة فيما ينفع المدينة ويجعل منها مدينة خضراء نموذجية تستقطب مئات السياح على مدار السنة.. في بعض الاحيان أحاول أن أتبنى عقلية مدبري شأن هذه المدينة وألتمس لهم سبعمائة ألف عذر لهذا التقصير وهذا التهميش الذي تعيشه المدينة لكن يكذبني الواقع الذي أراه صباح مساء.. ليست نظرة تشاؤمية لمدينة يسكنني حبها ولكنها سطوة الواقع المر..
وانت تزور المدينة ستجد كل شيء فيها يسير نحو الاندحار والتقهقر. إلا المقاهي فهي الشيء الوحيد بالمدينة الذي يتكاثر بالليل والنهار.. فكل رجال أعمال المدينة أجمعوا على استثمار أموالهم في المقاهي وبعض المؤسسات التعليمية الخاصة.. حيث تجد بين مقهى ومقهى تنبت مقهى.. هذا العدد المتزايد للمقاهي بالمدينة أصبح يكفي لاحتضان المعطلين الذين تعبوا من البحث عن فرص عمل تؤمن لهم راتب شهري يعينون به عائلاتهم التي تنتظر جني ثمار يصعب تذوقها. مقاهي المدينة تستقطب حاملي الهموم وتضم كراسيها أجساد المعطلين وبعض الفارين من نقير الزوجات فتعلو الأصوات ويكثر الصخب، خاصة بالليل ولأوقات متأخرة دون مراعاة سكان العمارات المجاورة لهذه المقاهي والذين يعانون بدورهم من هذا الضجيج الذي بات يؤرق أغلبهم خاصة كبار السن والموظفين الذين يضطرون إلى الاستقاظ مبكرا.. صحيح أن خلال فصل الصيف تنتعش حركية المقاهي وبعض المهن الموسمية التي ترتبط بهذا الفصل لكن هل تساهم بحق في تحريك عجلة اقتصاد هذه المدينة؟! هل يمكن اعتبار المقاهي مشاريع استثمارية تساعد على توفير مناصب شغل قارة؟! هل ستتغير مدينتنا وتلتحق بقطار التنمية على غرار بعض المدن المغربية؟! ستبقى أسئلة معلقة إلى أن يثبت العكس..

Exit mobile version