أفادت وزارة الاقتصاد والمالية بأن المداخيل الجبائية للمملكة بلغت أزيد من 258,1 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، في رقم يعكس أداءً قويًا للقطاع الجبائي، لكنه يطرح أيضًا أسئلة حول الاستدامة والفاعلية الاقتصادية للسياسات المالية المتبعة.
النتائج تظهر أن هذا الأداء يعود إلى عدة عوامل مترابطة. أولها توسيع القاعدة الجبائية وتحسين تحصيل الضرائب عبر آليات إلكترونية حديثة، ما ساهم في الحد من التهرب والتهرب الجزئي، إلى جانب زيادة الاستهلاك المحلي ونشاط المواطنين الذي انعكس على مداخيل ضريبة القيمة المضافة والضرائب على الشركات.
كما ساهمت السياسات الضريبية التكميلية، مثل تعديل بعض الرسوم وتكثيف مراقبة المعاملات الكبرى، في رفع مستوى التحصيل. هذا النجاح يعكس قدرة الإدارة المالية على ضبط الإيرادات وتحقيق أهدافها في ظل ظروف اقتصادية عالمية مليئة بالتحديات، بما فيها التضخم وأسعار المواد الأولية وتقلبات الأسواق الدولية.
لكن قراءة هذه الأرقام لا يمكن أن تقتصر على الجانب الإيجابي فقط. الارتفاع الكبير في المداخيل الجبائية قد يعكس ضغطًا على المواطنين، خصوصًا إذا صاحبته زيادة في الضرائب غير المباشرة أو التزامات مالية جديدة، وهو ما يستدعي مراقبة دقيقة لتأثير السياسات الضريبية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى تنافسية الاقتصاد الوطني.
في المحصلة، نجاح المغرب في تحقيق هذه المداخيل الكبيرة يبرز كفاءة الإدارة المالية ويعزز قدرة الدولة على تمويل مشاريع التنمية والمرافق العمومية، لكنه يفرض أيضًا ضرورة توازن بين تحصيل الإيرادات وحماية المواطنين من أية آثار سلبية محتملة.

