Site icon جريدة صفرو بريس

قضية برلماني الرحامنة بين القانون والسياسة

أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية بمراكش حكمها في القضية المعروفة اعلاميا ببرلماني الرحامنة، التي شغلت الرأي العام المغربي خلال الفترة الاخيرة. الحكم تضمن ادانة النائب البرلماني السابق والمتهمين الاخرين في ملفات مالية مرتبطة بإصدار شيكات بدون مؤونة وقبول شيكات على سبيل الضمان، ما يسلط الضوء على عدة ابعاد قانونية وسياسية في البلاد.

بحسب حيثيات الحكم، فقد عوقب المتهم الرئيسي بالملف بثمانية اشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية نافذة قدرها 350 الف درهم، اضافة الى منع اصدار شيكات لمدة سنة مع تطبيق مقتضيات المادة 317 من مدونة التجارة. هذا الحكم يعكس حرص القضاء على ضمان الالتزام بالقوانين المالية وحماية التعاملات التجارية من التجاوزات المحتملة حتى عندما يتعلق الامر بشخصيات سياسية بارزة.

اما المتهم الثاني، فقد حكم عليه بستة اشهر حبسا نافذ وغرامة مالية مماثلة بلغت 350 الف درهم، بينما المتهم الثالث برأته المحكمة من تهمة قبول شيكات على سبيل الضمان وادانته بتهم اخرى مع فرض ستة اشهر حبسا نافذ وغرامة قدرها 4000 درهم. المحكمة اعتمدت صيغة العقوبة البديلة للمتهمين الاخيرين بحيث يمكن تحويل الحبس الى غرامة يومية قدرها 400 درهم عن كل يوم من مدة الحبس، مع التنبيه الى ان عدم تنفيذ الغرامة سيترتب عليه تنفيذ العقوبة الاصيلة.

الابعاد القانونية للقضية تشير الى تطبيق صارم للقوانين المتعلقة بالشيكات والنصب المالي، وهو مؤشر على مدى قوة المؤسسات القضائية في المغرب وقدرتها على محاسبة كل من يخرق القانون بغض النظر عن موقعه الاجتماعي او السياسي. في نفس الوقت، تفتح القضية نقاشا حول الاخلاقيات في الحياة السياسية وضرورة احترام المسؤولية المالية والشفافية من قبل البرلمانيين والممثلين المنتخبين.

من الجانب السياسي، القضية قد تؤثر على صورة العمل البرلماني امام الرأي العام، وتطرح اسئلة حول مدى قدرة الاحزاب السياسية على مراقبة اعضائها ومنع الانحرافات المالية والسلوكية. كما تبرز الحاجة الى اجراءات وقائية اكثر وضوحا لضمان حسن استخدام الاموال والتعاملات المالية في المجال العام.

في المجمل، قضية برلماني الرحامنة تعتبر مثالا على التوازن بين القانون والسياسة، حيث يظهر القضاء حازما في تطبيق القوانين المالية في مواجهة تجاوزات محتملة، في حين يبقى السؤال قائما حول مدى قدرة الاحزاب والمؤسسات السياسية على تعزيز الانضباط والشفافية داخليا لحماية الثقة العامة.

Exit mobile version