بين الكلمات المتكررة والشعارات المستهلكة التي تملأ بيانات المؤتمرات الإسلامية، برزت في إسطنبول نبرة مختلفة. إشادة واضحة ومباشرة بالدور المغربي في حماية القدس. لم تكن مجاملة بروتوكولية، بل اعتراف متأخر بمسار طويل من العمل الميداني الصامت.
في مدينة يضج تاريخها بنداءات الوحدة الإسلامية، جاء التركيز على المغرب كإشارة فاصلة. فبينما اكتفى كثيرون بالبيانات، اختار المغرب منذ سنوات طريق الفعل: دعم ملموس، مشاريع حقيقية، ومواكبة ميدانية لمعاناة المقدسيين.
الملك محمد السادس، من موقعه على رأس لجنة القدس، لم يركن إلى الشعارات. بل تبنّى رؤية استراتيجية تقوم على تمكين الإنسان، لا توظيف القضية. وهو ما جعل الحضور المغربي في القدس ملموساً على الأرض، لا في خطابات القمم.
المثير أن هذه الإشادة لم تأتِ في مؤتمر مغربي ولا تحت ضغط إعلامي. بل جاءت من قلب مؤتمر إسلامي موسّع، حيث تتقاطع المصالح وتتشظى المواقف. وهذا ما يمنحها قيمتها السياسية والمعنوية.
لكن، السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الإشارة النادرة: هل نحن أمام لحظة عابرة في جدول أعمال مزدحم، أم أمام بداية تحول حقيقي في نظرة العالم الإسلامي إلى من يتحمّلون فعلياً عبء الدفاع عن المقدسات؟
المغرب لا يحتاج إلى تصفيق عابر. ما يحتاجه هو أن تتحول هذه الاعترافات إلى تحرك جماعي، يستثمر ما تم بناؤه، ويوسع دائرته. لأن القدس لا تحتاج بيانات، بل تحتاج من يتواجد فيها، من يحميها، من يموّل صمودها، ومن يرفض المساومة عليها.