
في خضم الحزن الذي خيّم على حي المسيرة بمنطقة بنسودة بفاس عقب فاجعة انهيار عمارتين سكنيتين، برز وجه آخر للمغرب والمغاربة؛ وجه التضامن والتآزر الذي لا يخلف موعده في لحظات الشدة. فبينما كانت فرق الوقاية المدنية والسلطات المحلية تباشر جهودها لإنقاذ الضحايا والبحث بين الأنقاض، اختار عدد من المواطنين التطوع، حاملين وجبات ساخنة ومشروبات ومستلزمات بسيطة لمساندة عناصر الإنقاذ خلال ساعات عملهم الطويلة.
هذا المشهد الإنساني، الذي تكرر طيلة اليوم، أعاد إلى الأذهان لحظات التضامن الواسع الذي شهده المغرب خلال زلزال الحوز، حين تجند المواطنون بصفة تلقائية لدعم المتضررين والسلطات على حد سواء. وها هي فاس، اليوم، تجدد الدرس ذاته: أن روح التكافل مغروسة في عمق المجتمع، وتنبض بقوة كلما حلّت محنة أو نازلة.
وقد عبّر عدد من سكان الحي عن تقديرهم الكبير للمجهودات المبذولة من طرف فرق الإنقاذ، التي اشتغلت في ظروف صعبة وتحت ضغط كبير، مؤكدين أن أقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء هو بعض الطعام أو الماء كعربون امتنان وشكر. كما أكد آخرون أن هذا السلوك نابع من قناعة راسخة بضرورة الوقوف جنبًا إلى جنب في مواجهة الأحداث المؤلمة.
ومن جانبها، واصلت السلطات جهودها لاحتواء آثار الحادث، وتأمين محيط المكان، وتوفير الدعم النفسي للأسر التي فقدت أحبّتها أو أصيبت جراء الانهيار. كما تواصل فرق الإنقاذ عملياتها بحثًا عن أي ناجين محتملين، في وقت ينتظر الجميع نتائج التحقيق القضائي الذي فُتح لتحديد أسباب هذا الانهيار المفجع.
وفي ظل هذا المشهد المؤلم، يبقى بريق الإنسانية هو النقطة المضيئة الوحيدة: مواطنون يمدّون يدهم لرجال ونساء يعملون بلا توقف، وبلد يسترجع مرة أخرى معاني التضامن التي طالما شكلت جزءًا من هويته الجماعية.



