Site icon جريدة صفرو بريس

عندما تتحوّل خديجة بن قنة إلى محللة عسكرية… بنبرة ساخرة على حساب دماء الشعوب

لم يعد مستغربًا أن تتحوّل بعض الشخصيات الإعلامية إلى مفتين في السياسة الدولية، و”خبراء إستراتيجيين في الأسلحة النووية”، رغم أن أقصى ما أداروه هو “برنامج حواري” أو حساب فيسبوك. هذا بالضبط ما حدث مع خديجة بن قنة، التي خرجت بتدوينة مثيرة – بل مثيرة للريبة – تقول فيها:

“مصير كل من يواجه النووي بالخردة الروسية.”

عبارة قصيرة، لكنها غارقة في التبسيط والسخرية، لا تليق بمن يُفترض أنها إعلامية عربية تتحدث من منطلق الدفاع عن قضايا الأمة. هل هي رسالة سياسية؟ هل هي تنفيس ساخر؟ أم أنها مجرد سقطة تكشف ما وراء الخطاب؟

الواقع أن منشورها يقدّم خدمة مجانية للخطاب الإسرائيلي، ويقلل من شأن كل من تجرّأ على رفع السلاح في وجه آلة الاحتلال، لمجرد أن “نوع السلاح” ليس حديثًا بما يكفي. هنيئًا لكِ إذن، فقد أصبح معيار المقاومة هو موديل السلاح وليس عدالة القضية.

ثم لنكن واضحين، خديجة بن قنة جزائرية الأصل والهوى، ومن المفترض أن تحمل في ذاكرتها الجماعية رائحة الثورة الجزائرية… تلك الثورة التي لم تُواجه الاستعمار الفرنسي بالطائرات النووية، بل بـ”الخردة”، وبالصدور العارية، وبكلمة “الله أكبر” على الجبال.

فهل كانت “ثورة نوفمبر” أيضًا ضربًا من الحماقة لأن المجاهدين لم يكونوا يملكون ترسانة نووية؟ هل أصبح من المشروع اليوم السخرية من منطق التحدي إذا لم يكن مدعومًا بتكنولوجيا غربية أو عضوية في الناتو؟

ثم لنسأل بصراحة: من تخاطبين بهذه العبارة يا خديجة؟
هل إيران؟ هل غزة؟ هل سوريا؟
هل أصبحتِ تنطقين بلغة “الردع الإسرائيلي”؟
أم أنك تضعين نفسك في موقع المراقب المحايد، حين يحترق الشرق الأوسط، ويُقصف المدنيون، وتُزهق الأرواح تحت حجة “السلاح غير المتكافئ”؟

يا سيدتي، حتى لو كانت الأسلحة خردة، فإن إرادة المواجهة ليست كذلك. وسخريتك هذه – المُبطنة برسالة إيديولوجية واضحة – لا تعني الحياد بل التشفي، ولا تخدم سوى من يسعى لتجريم حق المقاومة وتشريع الكارثة النووية.

فهل أصبحت المهنية الصحفية عند البعض تُقاس بمدى جلد الذات العربية؟ وهل صار من “الرقي الإعلامي” أن نضحك على من يُقاوم، ونبرر تفوق من يُفجّر؟

خديجة بن قنة لم تُخطئ فقط في التوقيت، بل في البوصلة الأخلاقية.
ولعلها نسيت أن من يكتب في التاريخ العربي ليس نوع الذخيرة… بل الكرامة حين تقف في وجه الجبروت، ولو بالعصيّ.
أما “الخردة الروسية”، فلعلها أكثر شرفًا من “الحياد المُهين

Exit mobile version