مرة أخرى، تحاول عصابة البوليساري يائسة أن تعيد تدوير خطابها البائد في قلب إفريقيا، في زيارة أشبه بتمثيلية سياسية مهترئة لا تحمل سوى رائحة الابتزاز والمظلومية المصطنعة. فزيارة وزير خارجية ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”الوهمية إلى نيجيريا ليست أكثر من محاولة لإنعاش حضور تنظيم انفصالي فقد منذ سنوات آخر أوراقه السياسية والأخلاقية، في وقت لم يعد فيه أحد في القارة مستعدًا للمقامرة بعلاقاته الاستراتيجية مع المغرب من أجل كيان وهمي مشبوه.
هذه العصابة، التي ترتهن قراراتها منذ تأسيسها لأجندات خارجية لا تمتّ لمصالح سكان تندوف بصلة، عادت لتُطرق أبواب أبوجا متوسلة دعمًا دبلوماسيًا في وقت انفضّ عنها أصدقاؤها الواحد تلو الآخر. لم يبق من سرديتها سوى خطب خشبية، واتهامات مكررة للمغرب، لا تؤثر لا في الداخل النيجيري ولا في الساحة الإفريقية التي أصبحت تدرك تماماً من هي الجهة التي تملك الشرعية، ومن هي الميليشيا التي تتاجر بالورقة الإنسانية والسياسية في آن واحد.
في قلب هذا التحرك، لا يمكن إغفال السياق: تحولات دولية تعيد رسم خريطة التحالفات، واعترافات دولية كبرى، كان آخرها دعم بريطانيا الرسمي للحكم الذاتي المغربي، ما جعل البوليساريو وجناحها الإعلامي في حالة ذعر استراتيجي. إذ لم تعد الزيارات البروتوكولية قادرة على إخفاء الحقيقة: المشروع الانفصالي يعيش في غرفة الإنعاش، وممولوه الإقليميون باتوا بدورهم مثقلين بأزماتهم.
اللافت في زيارة المرتزق “محمد يسيليم بيسات” إلى نيجيريا ليس مضمونها، بل صمت أبوجا. لا بيانات مشتركة، ولا تصريحات رسمية، بل مجرد استقبال بروتوكولي خافت، يعكس إدراك نيجيريا أن لا جدوى في إقحام نفسها في نزاع مفتعل تجاوزه التاريخ وتجاوزه العقل. أما عصابة البوليساريو، فستواصل أدوارها المأجورة، في محاولة بائسة لتسويق كيان افتراضي لا يتقن سوى توجيه الاتهامات، وحصد الريع الإنساني، وترديد شعارات لم تعد تُقنع حتى سكان المخيمات.
في زمن الحقيقة، تسقط الأقنعة، وتتكشف الحيل. وهذه العصابة ليست سوى كيان استنفد كل حيله، ولم يتبق له سوى التوسل على أبواب إفريقيا، بينما قطار المغرب يمرّ بثقة وثبات.