في زمن تتغير فيه ملامح التهديدات الأمنية كل يوم، وتتشابك فيه الحروب والمصالح في محيطنا القريب، يختار المغرب أن يواجه هذه التحولات برؤية هادئة، لكن حاسمة. هذه الرؤية تحمل توقيع عبد اللطيف حموشي، الرجل الذي استطاع أن يقود تحولًا عميقًا داخل المنظومة الأمنية، ليس فقط على مستوى الوسائل، ولكن في جوهر الفلسفة التي تقوم عليها.
حين نُتابع مسار المديرية العامة للأمن الوطني، ومديرية مراقبة التراب الوطني خلال السنوات الأخيرة، نفهم أن ما يجري ليس مجرد تحديث إداري أو تقني. الأمر يتعدى ذلك نحو بناء مدرسة أمنية متكاملة، تمزج بين الذكاء الاستباقي، واحترام القانون، والقدرة على التفاعل الإنساني في لحظات الأزمات.
ما الذي تغيّر بالضبط؟
أصبح رجل الأمن المغربي اليوم أكثر حضورًا، ليس فقط في الشارع، ولكن في حياة المواطن. رأيناه في جائحة كوفيد يشارك في تنظيم الحياة العامة، ثم رأيناه في زلزال الحوز يمد يده للمحتاجين، ويشارك في جهود الإغاثة. هذه صورة جديدة للأمن، بعيدة عن الصرامة الباردة، وقريبة من نبض الناس.
في الميدان، الأرقام تتحدث بدورها. عشرات الخلايا الإرهابية تم تفكيكها قبل أن تمرّ إلى الفعل. شبكات تهريب عابرة للحدود تم إسقاطها بمهنية عالية. عمليات نوعية تم تنفيذها بتنسيق مع شركاء دوليين، من أمريكا إلى أوروبا، وكلها تُظهر أن المغرب اليوم ليس فقط بلدًا آمنًا، بل شريكًا موثوقًا في مواجهة الأخطار العالمية.
لكن الجانب اللافت في هذه التجربة هو كيف استطاع الأمن المغربي أن يتحول إلى عنصر قوة ناعمة. الاستقرار الذي يوفره اليوم لم يعد مجرد حماية داخلية، بل أصبح سندًا للاقتصاد، وجاذبًا للاستثمار، وورقة دبلوماسية تعزز من موقع المغرب في ملفات دولية حساسة.
ولأن العالم يراقب النجاحات أكثر مما يراقب الشعارات، فقد نال عبد اللطيف حموشي سلسلة من الأوسمة الدولية، من فرنسا وإسبانيا والعالم العربي، وهي إشارات واضحة على حجم التقدير الدولي لما يجري داخل هذه المنظومة. غير أن الأهم من ذلك، هو الثقة الملكية التي يحظى بها، والتي تتجدد في أكثر من مناسبة، آخرها وسام العرش.
في الخلاصة، نحن لا نتحدث فقط عن مسؤول أمني ناجح، بل عن رجل وضع الأمن في صلب المشروع الوطني، ونجح في جعله متوازنًا، عقلانيًا، وإنسانيًا.
فالمغرب اليوم، بفضل هذه المدرسة الأمنية المتطورة، يقدم نموذجًا نادرًا في العالم العربي: نموذج يجمع بين الاستقرار، والانفتاح، والنجاعة، ويجعل من رجل الأمن حاميًا للوطن… وخادمًا للمواطن.