Site icon جريدة صفرو بريس

صفرو والتغيرات المناخية : ماذا لو………؟؟؟؟؟؟؟

(صورة تعبيرية)

بقلم : عبد الحق غاندي رئيس ” الإئتلاف المحلي من أجل البيئة والتنمية المستدامة بصفرو”

التغيرات المناخية أهم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن وبغض النظر عن كون هذه التغييرات طبيعية في اطار صيرورة التطور والحركية التي تعرفها الأرض على مدى تاريخها منذ ملايين السنين ، أو بسبب التدخل البشري جراء الاستعمال المفرط للغازات الدفيئة واجتثاث الغابات مما تسبب فيما يعرف بالاحتباس الحراري ، فإن هذه الوضعية قد تسببت في حدوث تغيرات مناخية كان من ابرز تجلياتها ارتفاع درجات حرارة الارض لمعدلات قياسية وما تعرفه مختلف القارات من مناخ متطرف يتأرجح بين الجفاف القاسي والعواصف المدمرة .

 

وفي المغرب والى عهد قريب كنا نتحدث عن الجفاف كمعطى هيكلي لكن اليوم اصبحت التغيرات المناخية واقع ملموس خصوصا مع التطورات الاخيرة والمتمثلة في العاصفة المدارية التي ضربت اجزاء كبيرة من المملكة خلال نهاية صيف وبداية خريف سنة 2024 وعلى الخصوص منطقة الجنوب الشرقي بالمغرب التي سجلت بها تساقطات مطرية غير مسبوقة تجاوزت 200 ملم في اقل من يوم خصوصا بإقليم طاطا الذي عرف اكبر عدد من الضحايا والاضرار الفادحة بالبنية التحتية، كما عرف شهر اكتوبر ونونبر من نفس السنة فيضانات وعواصف مدمرة في عدد من الدول كان أخطرها عاصفة دانا التي ضربت الجنوب الشرقي من اسبانيا وعلى الخصوص منطقة مالاقا وقبلها فالانسيا التي عرفت تساقطات قياسية بأكثر من 500 ملم في اقل من يوم متجاوزة بذلك مجموع ما تتساقط من امطار طيلة السنة وكدلك بايطاليا وخصوصا جزيرة صقلية .

 

وتعد مدينة صفرو بتموقعها الجغرافي بمقدمة الاطلس المتوسط نموذجا لهذا التغيير المناخي ، وان كان بحدة اقل ، الشيء الذي ساهم الى حد ما في الحفاظ على منابعها وفرشتها المائية خصوصا السطحية لولا التدخل البشري المتمثل في الإفراط في استغلال الفرشة المائية الجوفية .

لكن هذا لا يعني ان المدينة بمنأى عن الطقس العنيف وخصوصا في جانبه المدمر المتمثل في العواصف التي تنتج عنها تساقطات مطرية قياسية في ظرف وجيز ، حيث ان المدينة عرفت على مر تاريخها فيضانات كبيرة لعل ابرزها فيضان 1950 وفيضان 1977 ، مخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة مع العلم ان هذه الفيضانات كانت نتيجة عواصف رعدية في وقت وجيز وبكميات متوسطة لنصل الى السؤال الجوهري :

ماذا لو عرفت المدينة ومحيطها تساقطات مطرية قياسية بين 300 و500 ملم في اقل من 24 ساعة ؟؟؟؟؟؟؟؟ .

قبل الجواب على هدا السؤال وجب التذكير أن المدينة وقبل أن يصبح الاقليم عمالة وتصبح صفرو عاصمته ، كانت عدد من أحيائها تعيش على وقع الفيضانات ونخص بالذكر أحياء الرفايف وحبونة ولمقاسم وشعبة زلاغ ومدار السلاوي لكن السلطات الاقليمية انداك اقامت بنية تحتية في عالية المدينة متمثلة في تشجير عدد من المنحدرات مع بناء سدين تليين وعدد كبير من السدود والحواجز المائية الحجرية الصغيرة ، مما ساهم بنسبة كبيرة في الحد من الفيضانات وما كانت تسببه من اضرار على البنية التحتية ومساكن الساكنة .

لكن هذه البنية التحتية للوقاية من الفيضانات والتي شيدت منذ حوالي 34 سنة لم تتم صيانتها ولا تحديثها كما أن الغابات التي ثم تشجيرها آنذاك تعرض الكثير منها للحرائق بالإضافة الى أن هذه البنية اقيمت للحد من الفيضانات الخفيفة والمتوسطة ، كما أن البنية التحتية الخاصة بالصرف الصحي وتصريف مياه الامطار بالمدينة مهترئة ولا تتم صيانتها الا نادرا .

• وفي هذا الاطار وحتى لا نفاجئ بمثل هاذا حدث يطرح السؤال الجوهري وهو:

– هل البنيات التحتية للمدينة ومحيطها مستعدة لفيضان محتمل بما يتجاوز 500 ملم في ظرف 24 ساعة ؟

– هل جميع المتدخلين من منتخبين وسلطات ومصالح خارجية ومجتمع مدني وساكنة اخدوا ما يكفي من الاستعدادات والاحتياطات لمواجهة مثل هذه الكوارث ؟

– هل لدينا على الصعيد المحلي برامج ومخططات لتنزيل السياسات العمومية لمواجهة الكوارث الطبيعية وعلى راسها الفيضانات ؟

– هل مجالس الجماعات المتعاقبة منذ سنة 1976 هيئوا من خلال تصاميم التهيئة الظروف الملائمة والبنية التحتية اللازمة لمثل هاته كوارث ، وهل مجلس الجماعة الترابية الحالي يقوم خلال الفصول الجافة بواجبه في تنقية بالوعات الصرف الصحي ومنافد تصريف مياه الامطار؟

لقد اضحى من المسلمات انه ليست هناك منطقة بالعالم بمنأى عن التغير المناخي وبالتالي فالدور قد يأتي على مدينة صفرو التي يحدد موقعها الجغرافي طبيعة المخاطر التي يمكن أن تواجهها في حالة حدوث عاصفة مدارية او منخفض جوي عميق مشبع بالرطوبة مما ينتج عنه عشرات الساعات المتتالية من التساقطات المطرية القياسية.

فهل من الممكن تفادي الكارثة : نعم ولكن ؟!

• ان الإختلال العمراني في هندسة المدينة جد قديم فهو أمر واقع قبل ظهور تصاميم التهيئة ثم بعد ظهورها والتقاعس في إدماج المقاربة الوقائية عن طريق حضر البناء في المناطق المعرضة لخطر الفيضان ، الشيء الذي تسبب في وجود عدد من الاحياء في مسار شعاب تدفق السيول التي تتأرجح بين الاخطر والاكثر خطرة فالمدينة القديمة تعد الاكثر خطورة للتعرض لمخاطر الفيضان لكون وادي اكاي يقسمها لقسمين ، كما ان أحياء السلاوي واداوكنديف وشعبة زلاغ تعد من الاحياء الواقعة في المنطقة الأخطر، حيث من المرجح ان تنمحي عدد كبير من المنازل من الخارطة وتتعرض اخرى للهدم الجزئي او شبه كلي في حال حدوث فيضان كبير .

• وهكذا فان تفادي الكارثة على المدى القصير جد صعب حيث من المستحيل هدم احياء بكاملها تقع في دائرة الفيضانات بمختلف درجاتها ليبقى التدخل الوقائي هو منع وقوع الخسائر البشرية والتقليل من الأضرار المادية في حالة وقع فيضان مدمر ، لكن على المدى المتوسط هناك امكانية تفادي الكارثة بإقامة بنية تحتية وقائية في عالية المدينة ومحيطها وتحويل الفيضان من نقمة الى نعمة تخزين مياهه جوفيا وسطحيا.

• الشروع الفوري في تنزيل السياسات العمومية في مجال الوقاية من الكوارث الطبيعية وخصوصا الفيضانات ومن بينها : البرنامج الوطني للحماية من الفيضانات والدوريات الوزارية المتعلقة بتجنب الخسائر التي تنتج عن الفيضانات ؛ وبحمولات الاودية وقت الاعلان عن حالة الطوارئ ؛ وتلك المتعلقة بمهمة الوقاية وتدبر الاخطار و بإرساء اليات تنسيق العمليات التي يقوم بها الفاعلون المحليون لمكافحة خطر الفيضانات خاصة بتنسيق العمليات مع المجتمع المدني.

• ان طرح هدا التصور الاحتمالي الهدف منه تحفيز جميع المتدخلين من سلطات ومنتخبين ومصالح خارجية ومجتمع مدني للتنسيق والعمل بشكل علمي وعملي على التجند لمجابهة المخاطر الناتجة على التغيرات المناخية وفي مقدمتها الفيضانات .

وأخيرا يمكن القول ان هذه تبقى مجرد فرضية تتطلب تفعيل عدد من المقترحات وعلى رأسها :

– القيام بالدراسات التقنية اللازمة من اجل تحديد المناطق المناسبة في عالية المدينة ومحيطها لإقامة سدود تلية وحواجز مائية حجرية جديدة وصيانة القديم منها ، وهنا يتداخل الاختصاص المكاني لعدد من الجماعات الترابية الشيء الذي يتطلب ضرورة التنسيق معها ومع باقي المتدخلين لإقامة مشاريع البنية التحتية للوقاية من الفيضان وهنا يبرز دور الالتقائية في البرامج والمخططات الوقائية.

– تحويل المقالع المهجورة الى سدود تلية احتياطية .

– تكثيف عملية التشجير خصوصا بالأصناف المحلية والمتأقلمة المقاومة لنقص الامطار كالدوم والبلوط والسدر …

-تحديث شبكة تصريف مياه الامطار وشبكة الصرف الصحي بالمدينة وعصرنتها .

– تكوين المجتمع المدني والقطاع التربوي في مجال تدبير اخطار الكوارث الطبيعية وخصوصا الفيضانات .

Exit mobile version