جريدة صفرو بريس

صفرو : شلالات ’’علا ويشو’’بايموزار كندر… سحر الطبيعة وخذلان المسؤولين

“علا ويشو”…هنا تعرض الطبيعة أحلى ما لديها من جداول وظلال أشجار البلوط، وخضرة أشجار التين في الربيع، ورشاش الشلالات تلمع في ضوء الشمس كاللؤلؤ تترامى على الصخر فيرجع صداها صوتا يحمل معه ماضي المكان وتاريخه، ويلهم الأجيال أن التعايش والصمود هما الكفيلان لمواجهة خطط التهميش ومسح الذاكرة… هو جزء من بلاد العشق حينما تغنى بها الشاعر قائلا:

يا بلادي يا ذات حسن بديع     أنا من ذاب في هواك وغالى

حلم وردي يداعب روحي      أينما مال ناظري، أين جالا 

شلالات باسم يحمل المعاني:

أتت تسمية “علا ويشو” حسب الرواية المتداولة بين الساكنة، من مزج تركيبي لكلمة “علا” وهي اسم رجل أمازيغي مسلم، وكلمة “يشو” وهي اسم لرجل يهودي وتاجر متجول (عطار)، الذي أراد ـ حسب الرواية ـ عبور الوادي فجرفته المياه المتدفقة بقوة، فحاول “علا” إنقاذه متحديا بذلك السيول الجارفة، لكن محاولته باءت بالفشل فلقيا معا حتفهما بهذا الوادي.

شلالات بمدينة التعايش:

تقع شلالات “علا ويشو” بمدينة إيموزار كندر، وتعني كلمة “إيموزار” بالأمازيغية “الشلالات”، نظرا لكون هذه المدينة وبفضل تضاريسها ومياهها الوافرة، ترسم على محياها لوحات شلالات تخترق غابات شجر البلوط… غير أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن في هذه المدينة كانت تشهد تعايش وتحاور الأمازيغي والعربي من أهل “كندر” دون حساسيات تماما كما صدح فنان الأطلس، الراحل “محمد رويشة” مرددا ذات الأغنية: “شلح وعربي حتى يعفو ربي” أي “أمازيغي وعربي، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”. 


شلالات تقاوم النسيان والتهميش:

إذا كان هناك من السياح من يكتفي من فاس بأزقتها والرباط بأسوارها ومكناس بأبوابها وورززات بكثبانها وزاكورة بقصورها…. فإن آخرين يفضلون جبال الأطلس بجبالها وشلالاتها وعيونها وكل مناظرها الخلابة… لكن السؤال الذي يطرحه كل زائر لمدينة إيموزار كندر والذي ينتظر إجابة شافية من الجهات المعنية هو: “إلى متى تؤجل الفائدة ومتى ينتهي التهميش والتجاهل؟”.


 سألنا أحد القاطنين بالمدينة ليفاجئنا أن “هذه الشلالات كانت منتعشة في عهد الاستعمار، إذ قامت سلطات الحماية آنذاك بتعبيد مسالك تؤدي إلى أسفل الشلالات عبر درج يتكون من مئات الدرجات، يقطعها الزوار من عشاق المغامرة عبر المشي بين الجروف الشامخة وأشجار التين والأحجار الكبيرة المترامية على أطراف الوادي، فتبدي للعين سحر المكان الذي لا يقاوم”، ليتأسف عن “ما آلت إليه هذه المعلمة السياحية بعد أزيد من نصف قرن على استقلال البلاد”.


والزائر للمكان سيجد أنه لم يتبق من هذا كله سوى سور متآكل انهار منه الكثير فصار يشكل خطرا على القريبين منه. وعلى الطريق المؤدية لهذا المكان تنتشر بعض البنايات العشوائية التي تزيد من مأساوية المكان عبر قنوات عارية للصرف الصحي (الواد الحار) في اتجاه الوادي.

“لم تنته الحكاية وستستمر، حتى لا نشعر بحنين قاتل لأشياء بدأت تفقد بصمت معناها يوما بعد يوم”، هي كلمات صدح بها أحد رفاقي في الرحلة، ليرد آخر أن “صدق الناصح القائل:

وكابد مثل شــــــــلال        كثير النبع والسيـل

يقاوم كل معضلــــــة        ويأبى الميل والفشل

يذيب الصخر مقتدرا        بعزم الشامخ والبطل

 

 

  

Exit mobile version