المغرب

شبكة تهريب العملة تحت المجهر: السلطات المغربية تُحبط محاولات تحويل غير قانوني للعملات نحو الخارج

أفادت معطيات دقيقة صادرة عن خلايا تحليل المخاطر والمعلومات التابعة لمصلحة الوقاية بالإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، أن السلطات المغربية أطلقت حالة استنفار في مطارات المملكة الرئيسية، بعد رصد تصاعد مقلق في نشاط ما يُعرف بـ”بارونات العملة”، الذين ينشطون في تهريب مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية إلى الخارج، خصوصًا في اتجاه تركيا.

وحسب معلومات حصلت عليها جريدة هسبريس من مصادر مطلعة، باشرت المصالح المركزية للمراقبة تحقيقات استباقية، بتنسيق مع مكتب الصرف، والمديرية العامة للأمن الوطني، والدرك الملكي، شملت عمليات تهريب منظمة تتشابه من حيث التوقيت والأساليب، وتعتمد على استغلال مسافرين يُكلفون بنقل الأموال نقدًا تحت غطاء رحلات سياحية وهمية.

مطارات المملكة في حالة يقظة

أكدت أجهزة المراقبة الجمركية بالمطارات، خصوصًا مطارات محمد الخامس بالدار البيضاء، الرباط-سلا ومراكش-المنارة، أنها لاحظت ارتفاعًا في محاولات تصدير العملة بشكل غير قانوني منذ بداية السنة الجارية. وارتبطت هذه الزيادة بعدد من التصريحات الخاطئة المتعلقة بمخصصات السفر، التي تم رفع سقفها مؤخرًا إلى 100.000 درهم سنويًا بدلًا من 45.000 درهم سابقًا.

وأوضحت المصادر ذاتها أن التحقيقات كشفت عن وجود شبكة منظمة تستغل الرحلات السياحية “الوهمية” نحو تركيا لتهريب مبالغ مالية كبيرة خارج الإطار القانوني، مستفيدة من الثغرات التنظيمية والرقابية.

رجال أعمال ومهاجرون في دائرة الشبهات

أسفرت التحقيقات عن تحديد هوية عدد من أفراد الشبكة، بينهم مقاولون ينشطون في قطاع البناء والأشغال العمومية بمدينة الدار البيضاء، بالإضافة إلى مهاجر مغربي غير نظامي في ألمانيا، يملك شركة لتأجير السيارات، يُشتبه في تورطه في عمليات التهريب المالي.

كما لم تكشف مراجعة سجلات الاستيراد والتصدير عن أي نشاط تجاري خارجي يخص الأفراد المعنيين، وهو ما يُعد مؤشرًا على استغلال غير مشروع لمخصصات العملة الصعبة، خاصة في غياب التراخيص الضرورية من مكتب الصرف.

مخالفات يعاقب عليها القانون

بموجب مدونة الجمارك والقانون المنظم لمراقبة الصرف، فإن كل محاولة لتحويل العملة خارج البلاد دون تصريح تُعد مخالفة جسيمة، يعاقب عليها القانون بغرامات قد تصل إلى ستة أضعاف قيمة المبالغ المهربة، إضافة إلى عقوبات حبسية تتراوح بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات.

وتشدد القوانين التنظيمية على ضرورة إرجاع الأموال المكتسبة في الخارج وتغييرها إلى الدرهم المغربي، دعمًا لاحتياطات المملكة من العملة الصعبة، والمساهمة في استقرار ميزان المدفوعات الوطني.

تحويلات داخلية مشبوهة وتعقب الامتدادات المالية

التحقيقات توسعت لتشمل تحويلات مالية داخلية تم رصدها لصالح أقارب مسافرين في وضعية غير قانونية، تُسلَّم لاحقًا في الخارج مقابل عمولات محلية، في آلية تُشبه الحوالات غير الرسمية، وتخضع حاليًا لتدقيق من طرف أجهزة الرقابة المصرفية.

وتعمل المصالح المختصة حاليًا على تحديد العلاقات بين أفراد الشبكة ومساعديهم، في انتظار التوصل إلى خيوط إضافية بشأن مصدر الأموال الكبيرة المُعدة للتهريب، ما يمهد لفتح تحقيقات موسعة لاحقة قد تشمل قضايا غسل الأموال والتمويلات غير المشروعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى